قصة هروب عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس
صقر قريش
لماذا هرب عبدالرحمن الداخل؟
وكان من بين هؤلاء عبد الرحمن بن معاوية حفيد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك الذي لقب ب عبد الرحمن الداخل أو صقر قريش .
وفي الوقت الذي كان العباسيون يقتلون كل من بلغ من الأمويين ، كان عبد الرحمن بن معاوية ، يجلس في بيته بالعراق.
وإذ بابنه يدخل عليه باكياً فزعاً ، فأخذ عبد الرحمن يسكّن الطفل إلا أن الطفل ظلّ مرعوبًا ، فقام معه عبد الرحمن بن معاوية ، فوجد "الرايات السود" رايات العباسيين خارج البيت ، فعلم أنّه مطلوب .
رحلة هروب عبدالرحمن الداخل
رجع عبد الرحمن بن معاوية وأخذ أخاه الوليد ، وترك النساء والأطفال وكل شيء ، وذلك لأن العباسيين كانوا لا يقتلون (النساء ولا الأطفال ) ولكنهم كانوا يقتلون كل من بلغ ، وخرج عبد الرحمن هاربًا نحو نهر الفرات.
وعند الفرات وجد صقر قريش نفسه مع أخوه الوليد محاصران عند النهر من العباسيين ، فألقيا بأنفسهما فيه وأخذا يسبحان ...
ومن بعيد ناداهما العباسيون أن ارجعا ولكما الأمان ، حينها كان الوليد أخو عبد الرحمن بن معاوية ، قد أُجهد من السباحة ،فأراد أن يعود ، فناداه عبد الرحمن أن لا يعود ، فردّ عليه بأن العباسيين قد أعطونا الأمان ، ثم عاد الوليد إليهم ،فما إن أمسك به العباسيون ، حتى قتلوه أمام عين أخيه عبد الرحمن الداخل .
وعَبَر عبد الرحمن بن معاوية النهر وهو لا يستطيع أن يتكلم حزنا على أخيه ابن الثالثة عشرة....
ثم فكر عبدالرحمن في الذهاب إلى (بلاد المغرب) ، لأن أمه كانت من البربر، فهرب إلى أخواله هناك ، في قصة هروب عجيبة جداً عبر فيها الحجاز ومصر وليبيا والقيروان....
وصل عبد الرحمن الداخل ( للقيروان ) ، وعمره تسع عشرة سنة، وهناك وجد ثورة كبيرة للخوارج في الشمال الإفريقي، كان يقودها ( عبد الرحمن بن حبيب ) وقد كانت هناك كراهية شديدة قديمه بين الخوارج والأمويين .
فكان (عبد الرحمن بن حبيب ) يسعى هو الآخر للقضاء على ( عبد الرحمن بن معاوية ) حين علم بأمره خوفا من أن يحاول الاستيلاء علي ملكه .
فهرب ( عبد الرحمن الداخل ) من جديد إلى ليبيا ، وظل مختبئا هناك أربع سنوات كاملة ، وكان قد بلغ من العمر ثلاث وعشرين سنة، وظل صقر قريش يفكر في أمره .
الرحلة إلي الأندلس
وهنا جال بخاطره أن يذهب إلى ( الأندلس ) فهي أصلح البلدان لاستقباله ، وذلك لأنها أبعد الأماكن عن العباسيين والخوارج ، كما أن الوضع السياسي بالأندلس غير مستقر ، ففي هذا الجو يستطيع صقر قريش أن يدخل هذه البلاد .
وفي سنة 136هـ= 753م بدأ عبد الرحمن الداخل يعدّ العدة لدخول ( الأندلس ) ، فأرسل خادمه بدر إلى الأندلس لدراسة الموقف ، ثم راسل كل مؤيدي الدولة الأموية بالأندلس .
وفي ذكاء شديد استغل الخلاف الدائر بين ( بربر الأندلس وواليها عبد الرحمن الفهري ) وقام بمراسلة ( البربر ) يطلب مساعدتهم.
وهكذا ظل عبد الرحمن الداخل يجمع الأعوان لعامين حتى قدم عليه رسول من عنده خادمه بدر -الذي أرسله إلى الأندلس لدراسة الوضع - سنة 138هــ= 755م ، يقول له إن الوضع قد تجهّز هناك ، وحينما سأل الرسول عن اسمه فقال: غالب .
ردّ مستبشرًا بالاسم : الحمد لله، غلبنا وتم أمرنا.
وبدأ يعدّ العدّة لرحلته ويجهّز السفينة ، والتي أخذته منفردًا إلى ( بلاد الأندلس ) .
المصدر / سيره أعلام النبلاء للذهبي