حصار نابليون بونابرت لعكا في ١٧٩٩م
أحمد باشا الجزار ، هو شخصية تاريخية عثمانية بارزة ، اشتهر بدور حاسم في صد هجوم نابليون بونابرت على عكا عام 1799م ، حيث كان هذا الحصار نقطة تحول مهمة في حملة نابليون في الشرق الأوسط ، حيث تمكن أحمد باشا الجزار من تحقيق انتصار ساحق على الجيش الفرنسي ، مما أجبر نابليون على التراجع عن طموحاته في المنطقة .
حاصر نابليون عكا في 18 مارس 1799م وهو على يقين كامل بأن المدينة ستسقط في يده خلال أيام قليلة خاصة بعد انتصاره المدوي على المماليك والأتراك في مصر ....
وشاء الله أن يكون على ولاية عكا قائد بوسني الأصل هو أحمد باشا المشهور بالجزار ، ولم يكن واردا في قاموس هذا القائد أي مرادفات لكلمات من قبيل الإستسلام أو التنازل .
وعندما قام بونابرت بإرسال خطاب للجزار رد عليه فورا بإطلاق نيران مدفعيته على القوات الفرنسية المحاصرة لأسوار عكا .
وبعد سبعين يوما من الحصار اضطر نابليون إلى فك الحصار ومغادرة أسوار عكا ، وهو يجر أذيال الفشل والخيبة في 20 مايو عام 1799م .
بعض التكتيكات العسكرية التي استخدمت في حصار عكا والتي ساهمت في صمود المدينة وتصدّيها للهجوم الفرنسي ، والتي كشفت عن إرادة صلبة وعزيمة لا تُقهر لدى المدافعين:
أولا : التحصينات القوية : كانت عكا بمثابة قلعة صلبة، أسوارها الشاهقة وأبراجها الحارسة تحدت الغزاة الفرنسيين، وكأنها تحذرهم من مغبة الاقتراب.
ثانيا : الأنفاق : في ظلام الأنفاق، حفر المدافعون عن عكا سرا، منتظرين اللحظة المناسبة لزلزال يهز الأرض تحت أقدام الأعداء، ويردعهم عن تقدمهم ، فكانت هذه الأنفاق بمثابة قبضة حديدية تضرب الفرنسيين في مقتل.
ثالثا : المدفعية : دوى هدير المدافع في سماء عكا، وكأنها صرخة تحدٍ في وجه الغزاة. ومع كل قذيفة ، كان المدافعون يشعرون بقوة الإيمان بأن النصر سيكون حليفهم .
رابعا : حرب العصابات : كان المدافعون ينفذون هجمات خاطفة، كالأشباح ، تاركين وراءهم الخسائر في صفوف الأعداء ، وزعزعوا ثقة الفرنسيين في قدرتهم على الانتصار.
خامسا : الاستفادة من التضاريس : كانت الأرض شاهداً على ذكاء المدافعين ، فهم استغلوا كل شبر فيها لصالحهم ، وكأن الأرض نفسها تقف معهم في مواجهة الغزاة .
نتائج حصار عكا ١٧٩٩م :
١- هزيمة نابليون: فشل نابليون في احتلال عكا، وتعرض جيشه لخسائر فادحة، مما أجبره على التراجع عن حملته في الشرق الأوسط.
٢- تعزيز مكانة الجزار: أصبح الجزار بطلاً قومياً، وارتفعت مكانته في الدولة العثمانية.
٣- تأثير على تاريخ المنطقة: أثر هذا الحصار بشكل كبير على مسار التاريخ في المنطقة، حيث منع توسع النفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط.
أخيرا نقول تعتبر معركة عكا من أهم المعارك في التاريخ العسكري ، حيث أنها مثلت نقطة تحول في الصراع بين القوى الأوروبية والإسلامية ، وأظهرت شجاعة وقوة المقاومة الشعبية ، كما أنها تعتبر من أبرز الأمثلة على قدرة القادة العسكريين على تحقيق الانتصار رغم التفوق العددي للعدو .
فرض الجزار نفسه على الكتابات الأوروبية وسجل هذا البطل بأنه أنقذ الشرق من خطط نابليون .
المرجع : كتاب تذكير النفس بحديث القدس ... واقدساه ج2 .