من معركة اليرموك
عندما أوشك نصف مليون من الروم على تدمير جيش المسلمين بعد أن قاموا بمحاصرتهم من كل جانب ، تناول هذا البطل الإسلامي الفذ سيفه واتخذ القرار الأصعب على الإطلاق في حياة أي إنسان ، لقد اتخذ عكرمة قرار الموت .
نادي بالمسلمين بصوت يشبه الرعد : أيها المسلمون من يبايع على الموت ؟
تقدم إليه 400 فدائي ، ليكوَّنوا ما عرف في التاريخ باسم "كتيبة الموت الإسلامية "، عندها اتجه خالد بن الوليد نحو عكرمة وحاول منعه من التضحية بنفسه ، فنظر إليه عكرمة والنور يشرق من جبينه وقال : إليك عني يا خالد فلقد كان لك مع رسول اللّه سابقة .
أما أنا وأبي فقد كنا من أشد الناس على رسول اللّه ، فدعني اكَفّر عما سلف مني ، ولقد قاتلت رسول الله في مواطن كثيرة ، وأفر من الروم اليوم ؟ .... إن هذا لن يكون أبدًا !!
انطلقت كتيبة الموت الإسلامية ، وتفاجأ الروم بأسود جارحة تنقض عليهم لتكسر جماجمهـم .
وتقدم عكرمة بن أبي جهل بنفسه إلى قلب الجيش الروماني ، ليكسر الحصار عن جيش المسلمين ، واستطاع فعلًا إحداث ثغرة في جيش العدو بعد أن انقض على صفوفهم انقضاض طالب الموت .
أمر قائد الروم أن تصوب كل السهام نحوه ، فسقط فرس عكرمة من كثرة السهام التي انغرست فيه ، فوثب قائد كتيبة الموت الإسلامية ، الفدائي البطل عكرمة بن أبي جهل من على ظهر فرسه وتقدم وحده نحو عشرات ، الآلاف من الروم يقاتلهم بسيفه ، عندها صوب الروم سهامهم إلى قلبه .
فلمّا رأى المسلمون ذلك المنظر البطولي ، اختلطت المشاعر في صدورهم ، واندفع فدائيو كتيبة الموت العكرمية نحو قائدهم ، لكي يموتوا في سبيل اللّه كما بايعوه .
فلم يصدق الروم أعينهم ، وهم يرون أولئك المجاهدين الأربعمائة يتقدمون للموت المحقق بأرجلهم ، فألقى الله في قلوب الذين كفروا الرعب .
تراجع الروم متقهقرين ، ولاذوا بالفرار وصيحات اللّه أكبر تطاردهم من أفواه المسلمين ، فاستطاعت تلك الوحدة الاستشهادية كسر الحصار عن جيش المسلمين .
فتش خالد بن الوليد على ابن عمه عكرمة ليجده وهو ملقى بين اثنين من جنود كتيبته الفدائية : (الحارث ابن هشام) و(عياش بن أبي ربيعة ) والدماء تسيل منهم جميعًا .
طلب الحارث ابن هشام بعض الماء ليشربه ، وقبل أن يشرب قطرة منه نظر إلى عكرمة بن ابي جهل وقال لحامل الماء : اجعل عكرمة يشرب أولًا فهو اكثر عطشا مني .
فلما اقترب الماء من عكرمة أراد ان يشرب لكنه رأى عياش بجانبه فقال لحامل الماء : احمله إلى عياش أولًا .
فلما وصل الماء إلى عياش قال : لا أشرب حتى يشرب أخي الذي طلب الماء أولا .
فالتفت الناس نحو الحارث بن هشام فوجدوه قد فارق الحياة ، فنظروا إلى عكرمه فوجدوه قد استشهد ، فرجعوا إلى عياش ، ليسقوه شربة ماء فوجدوه ساكن الأنفاس .
قال أبو جهم بن حذيفة العدوي: انطلقت يوم اليرموك بعد انتهاء المعركة أطلب ابن عم لي ومعي قليل من الماء وإناء فقلت: إن كان به رمق سقيته من الماء ومسحت به وجهه، فإذا أنا أسمع صوتًا يقول: آه.. آه. فأتيته فإذا هو ابن عمي فقلت له: أسقيك؟ فأشار إلي أن نعم، فإذا بصوت رجل آخر يقول: آه.. آه.. فأشار ابن عمي أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو هشام بن العاص فأتيته وقلت له: أسقيك؟ فأشار إلي أن نعم.. فإذا بصوت رجل آخر يقول: آه آه... فأشار هشام أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو قد مات، ثم رجعت إلى هشام إذا هو قد مات، ثم أتيت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات!!.
العبرة
الإيثار .... إن من أخلاق المؤمن الإيثار الذي هو تفضيل الغير على النفس حتى وإن كان في أشد الحاجة لذلك الشيء، وهذه هي الأخوة الحقَّة. قال تعالى: " وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " [الحشر: 9].
هؤلاء الأبطال آثر كل واحد منهم الآخر في شربة الماء التي ربما هي الفارق بينه وبين وفاته.
العبرة
الإيثار .... إن من أخلاق المؤمن الإيثار الذي هو تفضيل الغير على النفس حتى وإن كان في أشد الحاجة لذلك الشيء، وهذه هي الأخوة الحقَّة. قال تعالى: " وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " [الحشر: 9].
هؤلاء الأبطال آثر كل واحد منهم الآخر في شربة الماء التي ربما هي الفارق بينه وبين وفاته.
المصادر
البدايه والنهايه - ابن كثير
تاريخ الطبري - السير للامام الذهبي
إستمتع و تابع أيضا :
كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع مصادرنا من المراجع والكتب نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته