قطز الملك المظفر
قاهر المغول التتار
قبل معركة عين جالوت قامت قوات القائد المغولي التتري جنكيز خان باكتساحها الساحق في المشرق ، وفي سنة واحدة اكتسح هذا القائد الذي لم يعرف له أب ، ما فتحه الإسكندر الكبير المقدوني في عشر سنين.
وخلفه أبناؤه وأحفاده الذين كانوا يدمرون كل شيء ، تقدم هولاكو حفيد جنكيز بزحفه في الشرق كالإعصار يدمر كل شيء يقف في طريقه.
قد كان هناك في بغداد خليفة هزيل ، همته منصرفة إلى شهواته وملذاته ، وكان وزيره ابن العلقمي ، شيعي رافضي ، خبيثا يحقد على الإسلام والمسلمين ويتمنى زوال الخلافة ، فكان له ما أراد . بعث العلقمي وفداً إلى هولاكو يغرونه بمهاجمة الخلافة في بغداد، فلبى وجاء بجيوشه التي تعد مئتي ألف جندي ولم يهتز الخليفة لهذا الحدث المخيف ولم يستعد له، وكان عنده حوض مليء ذهباً، لم يوزعه على المقاتلين كما يفترض .
وكان ابن العلقمي قد سرح أغلبية الجيش ، ولم يبق منه سوى عشرة آلاف لحراسة القصور والجواري وبيوت الملاهي .
أحاطت فرقة من جيش هولاكو بدار الخلافة ، والخليفة في قصره وحوله النساء يغنين له ، وكانت بين يديه راقصة .
يقول المؤرخون عن الراقصة : أن اسمها (عرفة) كانت ترقص وتطرب الخليفة وتضحكه ، جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها.
ولم يكن هولاكو يجرؤ على قتل الخليفة خوفا من غضبة قوية من المسلمين ، ولكن ابن العلقمي زين له قتله فقتله ، حيث طواه بسجادة وربطها وصار يدحرجه ، فمات رفساً بالأقدام وسقطت الخلافة العباسية ، فكان ذلك سنة 656هـ .
مئتا ألف سيف يدخلون بغداد دار السلام ، وهم يذبحون بأهلها أربعين يوماً .
قال المؤرخون: لقد بلغ عدد القتلى ألفي ألف نفس، ولم ينج منهم سوى اليهود والنصارى ومن التجأ إلى دار ابن العلقمي، وقد أنتنت البلد من جيفهم ، وتغير الهواء فسرى الوباء ، ومات ابن العلقمي شر ميتة ، وانتقل الوباء الي العراق ثم إلى الشام ، فمات خلق كثير ، واجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون ، كما يقول المؤرخون .
ولاية المظفر قطز في مصر :
بعد عام من سقوط بغداد تسلم الحكم في مصر سيف الدين قطز ، وسمى نفسه بالملك المظفر ، وكان هذا من رحمة الله تعالى بالمسلمين ، فالتتار في ديار الإسلام يعيثون الفساد ، ودخل هولاكو دمشق وفعل بأهلها شبيه ما فعله في بغداد .
وصل إلى المظفر قطز ما فعله التتار بدمشق عن طريق الفارين منها إلى مصر، فشرع بالإعداد والاستعداد لملاقاتهم، فالتتار لم يتعرض لقتالهم أحد، ولم يثنهم عن مواصلة زحفهم إلى أي جهة أرادوها أخذوها، وكان اليهود والنصارى والشيعة الروافض يشجعونهم على مواصلة زحفهم إلى مصر .
وقد عزم الملك الناصر صاحب دمشق على الرحيل إلى دمشق ، وكذلك ملك حماة المنصور ، وكثير من الأمراء وأبناء الملوك ، ليكونوا مع الجيش المصري في مواجهة التتار ، وأكرم الملك المظفر قطز الوافدين إليه غاية الإكرام .
وصف المغول
كان التتار المغول ، وهما اسمان لمسمى واحد يدل على الهمجية ، فهم شعب بدائي، ليس له حضارة، فكانوا يتباهون بأنهم يشربون الخمر في جماجم أعدائهم ، ولم يكونوا يعرفون الطهارة ولا النظافة، لا يغتسلون ولا يتنظفون حين يتبولون ويتغوطون، فكانت رائحتهم تصك الأنوف من مسافة بعيدة، وكانوا يعيشون في خيام جماعية كبيرة اسمها الخركاه تسع الواحدة منهم مئتي إنسان، فيها يقيمون، وينامون ويتزوجون ويتناسلون، كانوا إباحيين، لم يكن للرجل زوجة تخصه، بل كان الأمر علي المشاع ، ولم يكن للمرأة زوج يخصها .
وقد سرى خبر التتار في كل أرجاء الدولة الإسلامية التي تقطعت أوصالها بالمغول ، وانتشر خبر فظائعهم .
مصر ماقبل عين جالوت
توجه جيش المغول العفن نحو مصر فسبقه الرعب إلى مسافة بعيدة قبل أن يصل، ولكن أراد قائدهم أن يخيف القائد المسلم في مصر، فأرسل إليه وفداً .
تحرك رأس الجيش إلى مصر يسير في البيداء كأنه ثعبان أسود طويل طويل. أما القائد قطز ، فقد خرج مسرعاً وكان في جيشه العلماء المخلصون وعلى رأسهم سلطان العلماء العز ابن عبد السلام .
اجتاز الجيش المصري الحدود وزحف إلى غزة وتولى القائد بيبرس قيادة المقدمة ، وكان في غزة القائد المغولي بيدر ، وكان بيبرس صاعقة الحروب فنجح بتدمير قوات المغول قبل أن تصل قوات تدعمها وسار الملك المظفر قطز مجتازاً منطقة الناصرة إلى عين جالوت .
تقدم الجيش المغولي، وكان يفتقر إلى الكشافة، ولم يكن السكان المحليون موالين له، ولم يعلم المغول أن جيش المسلمين قريب منهم.
أحداث معركة عين جالوت
كان قطز قد أخفى الكتلة الرئيسية من قواته، ولم يعرض للمغول إلا المقدمة التي يتولى قيادتها الظاهر بيبرس .
دفع القائد المغولي بكامل قواته في المعركة ، وكان بيبرس قائداً عظيماً بطلاً شجاعاً قاتل بضراوة، وكان داهية حيث استدرج كتبغا بلباقة حتى لا يشعر بالمكيدة وما زال يتراجع نحو التلال والمغول يشتدون في أثره وقع كتبغا نوين وجيشه في المصيدة وجرى تطويق جيشه كله .
ودارت الدائرة على المغول لا يدرون من أين يأتيهم الضرب ، هم في دائرة، ومحيطها كله يصب عليهم مطراً من نبال، والرماح تقصف فيهم، والسيوف تبتر أيديهم ورؤوسهم.
أبلى القائد المغولي في حركة يائسة، وصحا صحوة الموت، بعد أن عرف نفسه أنه وقع ، ولات حين مناص ، وصرخ القائد المغولي صرخة الذئب فأشعل جنده حماسة ، فاندفعوا يقاتلون ، وهم قوم شجعان فمزقوا صفوف المسلمين .
فتدخل قطز ليعيد تنظيمها وصاح: يا من نصرت نبيك محمداً في بدر انصرنا على المغول.
هبت رياح النصر على المسلمين، وظهر التحول في المعركة لصالحهم، فصار المغولي يتلفت إلى النجاة، وتحول موقف المسلمين من الدفاع إلى الهجوم ثم تحول إلى مطاردة.
لقد قتل قائدهم كتبغا وهو يقاتل، وأسروا من التتار الكثير، وكان من جملة الأسرى أحد أبناء القائد كتبغا فقيل له: لعل أباك هرب من المعركة، فقال: أبي لا يهرب، فوجد بين القتلى نصفين .
ولحق المسلمون بالتتار يقتلونهم في كل واد، ولم يعد للتتار بعد هذه الحرب قوة في العالم الإسلامي.
بعد وقت يسير أسلم هذا الشعب على زمن ملكهم قازان ، بل وصاروا من أهم المدافعين عن الإسلام ، وصارت لهم دولة اسمها إلى اليوم تتارستان ، فيها الكثير من المساجد العظيمه والعلماء .
إستمتع و تابع أيضا :
كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع مصادرنا من المراجع والكتب نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته .