السلطان عثمان الأول
المؤسس الحقيقي للدولة العثمانية و إرثه الخالد
النشأة والأصول
كان والده " أرطغرل " قائداً لإحدى إمارات الثغور الأناضولية المطلة على بحر مرمرة تحت حماية سلاجقة الروم .
الظروف التاريخيه عند مولد السلطان عثمان
وُلد عُثمان الأوَّل سنة 656هـ / 1258م ، للأمير أرطُغرُل الغازي، عامل سلاجقة الروم على بلدة سوغوت وهي أحد الثُغور الأناضولية المُطلَّة على بحر مرمرة ، وأمه حليمة خاتون .
وكان ذلك في نفس اليوم الذي اجتاح فيه " المغول " بغداد فأسقطوا بذلك " الخلافة العباسية "وبناءا علي هذه المصادفة التاريخية صار ميلاده رمزاً لبداية حقبة إسلامية جديدة .
متي تولي السلطان عثمان الأول الزعامة ؟
تولى عثمان زعامة عشيرته "قبيلته" في عام 687هـ/1288م بعد وفاة أبيه أرطغرل ، حيث حصل على دعم من الأمير السلجوقي " علاء الدين كيقباد الثالث " ، الذي منحه حق التوسع باسم السلاجقة و الخليفة العباسي في القاهرة.
قصة تأسيس الدولة العثمانية
البدايات الأولى
بدأ عثمان الأول بالتوسع على حساب "الإمارات البيزنطية" الضعيفة في الأناضول ، " فتوحات العثمانيين الأوائل " حيث استولى على :
١- قلعة "قرة" عندما حاصرها عام 688هـ/1289م
٢- قلعة "بيله جك" عام 699هـ/1299م
الاستقلال الرسمي
لما توفى السلطان علاء الدين بعد إغارة المغول على دولته ثم قتلهم لابنه غياث الدين الذى تولى مكانه و تغلَّب المغول على السلاجقة وقضوا على دولتهم .
بعد وهلة لاتذكر من سقوط دولة السلاجقة على يد المغول عام 699هـ/1299م ، سارع عُثمان الأول إلى إعلان استقلاله ، فكان بذلك المُؤسس الحقيقي لِدولةٍ تُركيَّةٍ كُبرى نُسبت إليه فيما بعد، فعُرفت «بالعُثمانيَّة» فقام بعدة إجراءات عاجله :
١- أعلن عثمان الأول استقلاله الكامل .
٢- قام بوضع حجر الأساس للدولة العثمانية التي حملت اسمه فيما بعد .
٣- اتخذ عثمان مدينة "يني شهر" عاصمة لدولتة .
٤- إتخذ لنفسه لقب "باديشاه آل عثمان" .
٥ - وضع عثمان الأول الأسس الأولى للنظام العثماني السياسي والعسكري الذي جمع بين ( رفع راية الجهاد ضد البيزنطيين ، كيفية إدارة الأراضي المفتوحة ، وضع أسس تنظيم العلاقات الدبلوماسية مع الجوار ) .
تفاصيل مسيرة فتوحاته وتأسيس الدولة
بدأ عثمان مسيرته بمعركة " تل الأرمن " (التي انهزم فيها واستشهد ابن أخيه) ولكن مهدت لمعركة فتح "قلعة كولاجة حصار (والتي كانت أولي انتصاراته ) ، وتلتها "معركة دومانيتش" (وياللاسف خسر فيها أخاه صارو باتو ) ، ثم فتح "قلعة قراجة حصار" (التي نُسب بالخطأً لأرطغرل في المسلسلات ).
بعد عدد من الانتصارات ، منحه السلطان السلجوقي لقب "عثمان غازي" وأغدق عليه بالهدايا الثمينة ، وأذن له بذكر اسمه في الخطبة وسك العملة.
واصل فتوحاته فقام بفتح "جوينوك" و "طراقلي" ، ثم أنه وبعد سقوط السلاجقة أمام المغول في "جبل كوسة" ، استقل عثمان وأسس إمارته .
فتح "بيلاجيك" و "يار حصار" و "إيناغول " ، ثم نقل عاصمته إلى "يني شهير" بعد فتحها .
ثم انتصر على البيزنطيين في "بافيوس" و "ديمبوس" و واصل التوسع عندما قام بضم "كستل" و "آق حصار" ، وانتهى بفتح "هارمان كايا" بعد إسلام قائدها ميخائيل كوسيس ، الذي أصبح أحد أبرز قادته فيما بعد .
بهذه الفتوحات، وضع عثمان أساس الدولة العثمانية التي غيّرت مجرى التاريخ.
أهم محطات حياة السلطان عثمان الأول:
أولا السياسة تجاه الروم :
اتبع عثمان سياسة واضحة تجاه الإمارات البيزنطية كالتالي :
1. دعوتهم إلى اعتناق الإسلام .
2. قبول دفع الجزية في حال رفض الإسلام .
3. الحرب في حال رفض الخيارين .
ثانيا معركة بافيوس التاريخية في عام 1302م :
وفيها واجه عثمان تحالفاً بيزنطياً-مغولياً حقق فيها انتصاراً حاسماً بقيادة ابنه "أورخان" الأمر الذي مهد لفتح حصن "بورصة" لاحقاً .
ثالثا الإستيلاء علي حصن بورصة عام 717هـ/1317م :
حصوله على هذه الحصن البيزنطي الهام و معاملة السكان معاملة حسنة جعلها مركزاً استراتيجياً للتوسع غرباً .
كيف توفي عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية؟
وصية عثمان التاريخية والوفاة :
تُوفي عُثمان عام 726هـ/1326م تاركاً لابنه أورخان وصية تاريخية تجسد فلسفة الحكم العثماني
وصى عثمان إبنه أورخان وهو على فراش الموت عام ، فأوصاه قائلاً :
" يا بني بقي! إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلًا. يا بني أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرنك الشيطان بجندك ومالك، وإياك وأن تبتعد عن أهل الشريعة. يا بني إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضاة الله جل جلاله. يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا و للإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت أهل له."
إرث السلطان عثمان الأول
ترك عثمان الأول دولة مترامية الأطراف كبيرة المساحة بالإضافة إلي نظام حكم متكامل يحميه جيشاً قوياً يمتلك مبادئ إسلامية راسخة .
بهذا الإيمان وبهذه الروح وضع عثمان الأول حجر الأساس لأطول دولة إسلامية عمراً ، وبسبب هذه الأسس المتينه استمرت الدولة العثمانية لمدة طويلة تعدت الستة قرون " 623 عاماً " حتى سقوطها مع إعلان الجمهورية التركية عام 1342هـ/1924م تاركة إرثا لا يمحوه الزمان .
إن سيرة عثمان ليست مجرد صفحات من الماضي، بل هي دليل عملي لنتعلم كيف تُخلَّد الأمم بالرؤية الواضحة و بالإيمان الراسخ .
برأيك.. ما أهم صفة في عثمان الأول جعلته يُؤسس هذه الدولة العظيمة؟
هل كانت شجاعته العسكرية ، حكمته السياسية ، أم إيمانه الشديد ؟
شاركنا رأيك في التعليقات ...