نقطة التاريخ الفارقه لدعوة الإسلام
الفتح العظيم
كانت العلاقة بين المسلمين في المدينة المنورة و قريش في مكه متوترة وشائكة ، رغم الإختلافات و الصراع المستمر ، و بفضل حكمة الرسول ﷺ وحنكته السياسية ، تم التوصل إلى صلح الحديبية ،الذي بدوره مهد الطريق ل فتح مكة بعده بحوالى عامين .
متى كان فتح مكه وما سببه؟ ما هي قصة حاطب بن أبي بلتعة؟ أحداث فتح مكة ، الدروس المستفادة من فتح مكه . |
فمن ناحية ، كان المسلمون قد عانوا من الطرد والاضطهاد على أيدي القرشيين لسنوات طويلة فكانت مكة بالنسبة لهم رغبة بعيدة المنال ، ولكن و من ناحية أخرى ، كانت مكة هي قلب الجزيرة وموطن الأصنام والوثنية ، و إذا فتحت سيمثل ذلك تحولاً كبيرًا في موازين القوى السياسية والدينية في كامل الجزيرة العربية
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [ النصر: 1] .
كان القلق سائد بين الجانبين ، قريش تخشي فقدان نفوذهم ومكانتهم المركزية في الجزيرة العربية ، أما تخوف المسلمين كان من وقوع مواجهات عنيفة لأن لهم في مكه الكثير من الأقارب و الأصهار والمقربين .
متى كان فتح مكه وما سببه؟
لما كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف المسلمين دخل ، ومن أراد الدخول في حلف قريش دخل ، دخلت خزاعة في عهد الرسول ﷺ ، ودخلت بنو بكر في عهد قريش ، وقد كانت بين القبيلتين حروب قديمة ، فأراد بنو بكر أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم ، فأغاروا عليها ليلاً ، فاقتتلوا ، وأصابوا منهم ، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح والرجال ، فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة ، وأخبر النبي ﷺ بغدر قريش وحلفائها ونقضهم للصلح ( الحديبية ) .
لما جاء عمرو بن سالم الخزاعي ليخبر النبي ﷺ بما حصل من قريش تجاه قومه، وكيف أعانت بني بكر على نقضهم العهد ، غضب رسول الله ﷺ من صنيع قريش وأمر بتجهيز الجيش ، وأخفى عن الصحابة مكان الغزوة ، لكي لا تحذر قريش وتستعد للقتال، فقد أراد رسول الله مباغتة المشركين ، و فتح مكة بدون قتال حفظاً لمكانتها ، وكان ذلك فى العام الثامن من الهجرة والموافق عام ٦٣٠ ميلادي .
ما هي قصة حاطب بن أبي بلتعة؟
الصحابي حاطب بن أبي بلتعة كان قد أرسل رسالةً إلى أهل مكة ، محذرا من مقدم النبي ﷺ ، فأنبأ الله رسوله ﷺ بذلك فأرسل بعض الصحابة في طلب المرأة التي أرسلها حاطب .
ولما واجه الرسولُ حاطباً بذلك اعتذر أنه لم يفعل ذلك خيانة أو نفاقاً، ولكنه خاف على أهله في مكة ، فعفا عنه رسول الله ﷺ لأنه ممن شارك في غزوة بدر ، فقال:
(لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ علَى أهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ ، فقَدْ وجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ ) .
نزل في ذلك آيات مزلزلة "" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ "" ، فكان بذلك حاطب هو الصحابي الذي نزلت فيه سورة الممتحنة .
أحداث فتح مكة
الدروس المستفادة من فتح مكة :
١- درسٌ في قوة الإيمان : لقد أثبت فتح مكة أنّ الإيمان بالله تعالى أقوى من أيّ سلاحٍ أو جيشٍ، وأنّ المسلمين ، مهما قلّ عددهم، قادرون على هزيمة أعدائهم إذا توحّدوا وتكاتفوا تحت راية الإسلام .
٢- درسٌ في العفو والرحمة : لقد عفا رسول الله ﷺ عن أهل مكة ، ولم ينتقم منهم، بل عاملهم بالعدل والرحمة، حتى أسلموا ودخلوا في دين الله أفواجًا .
٣- درسٌ في التسامح والصبر : لقد صبر المسلمون على حصار قريش لسنواتٍ طويلة، ولم ييأسوا، وظلّوا متمسكين بدينهم، حتى جاء يوم فتح مكة ، ونالوا النصر العظيم.
٤- درسٌ في التضحية : لقد ضحّى المسلمون بِغَالِيهم من أجل نصر الإسلام ، ولم يترددوا في بذل أرواحهم في سبيل الله تعالى .
٥- أسلم يوم فتح مكة خلق كثير : منهم أبو سفيان بن حرب، وزوجتُه هند بنت عتبة ، وكذلك عكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو ، وصفوان بن أمية ، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وغيرُهم .
فتح مكة كان إذن مزيجًا من الحيرة والإنتصار حيرة من الطرفين حول مآل هذه اللحظة التاريخية الحاسمة ، و انتصار المسلمين وتحرر مكة من الوثنية والشرك ، فشكل هذا الحدث منعطفًا كبيرًا في مسيرة الإسلام والتوحيد في الجزيرة العربية .
أخيرا نقول : بنور الإيمان وهدى النبوة ، انفتح قلب مكة ، وتبددت ظلمة الشرك وعبادة الأوثان ، وفيه تجلّى نصر الله تعالى ، وازداد المسلمون إيمانًا ويقينًا .