استغاثة تهز الصحراء
ياحجااااااااج ... واحجاجاه
في عهد الخليفة الاموي " الوليد بن عبد الملك " و في ليلة مظلمة ، من عام ٨٨ من الهجرة ، شقت صرخة امرأة تميمية مثقلة بالحزن والألم صمت الصحراء ، كانت تستنجد بالحجاج بن يوسف، الحاكم القوي صارخة بأعلى صوت لها قائلة :
"يا حجاج ! ياحجاج .. واحجاجاه ... !"
هكذا صرخت، وكأنها ترى فيه ملجأها الأخير .
والحقيقة أن قصتها كانت مأساة حقيقية ، فقد كانت ضمن مجموعة من النساء المسلمات كنّ قد فررن من جزيرة سيلان "جزيرة الياقوت" بعد وفاة آبائهن ، متوجهين نحو العراق طلباً للأمان. لكن شاء الله أن تتعرض سفينتهن للاختطاف على يد قراصنة من بلاد السند ، مستغلين ضعفهن وعدم حملهن للسلاح .
وصلت أنباء استغاثتها إلى الحجاج و الذي أُشتعل غضبه ، كيف تجرأ أي إنسان على إيذاء نساء مسلمات تحت حمايته؟
بعث الحجاج حملتين على الديبل ، الأولى بقيادة عبيد الله بن نبهان السلمي ، والثانية بقيادة بديل البجلي ، ولكن الحملتين فشلتا، بل قد استشهد القائدان على يد جنود السند .
بل و وصلت الأخبار إلى الحجاج ، أن النساء المسلمات وبعض من الجنود العرب مسجونين في سجن الديبل ، ولا يريد ملك السند الإفراج عنهم عنادًا للعرب !
ف استشاط الحجاج غضبًا ...
لم يتردد الحجاج ، بل في لحظة قام بإرسال رسالة قوية إلى ملك السند ، مطالبًا بإطلاق سراح الأسيرات فوراً ، وتعويضهن عما تعرضن له .
لكن الملك، متغطرسًا، رفض الاستجابة ، متذرعًا بأن القراصنة لا يخضعون لأمره وأن الأمر لا يعدو كونه عملًا فرديًا لا علاقة له به.
في مجلسه وفورا أقسم الحجاج بالله أنه سينتقم لهذه الإهانة ، وأنه سيحرر الأسيرات ولابد سينشر الإسلام في ربوع بلاد السند. ووقع اختياره على قائد شاب وواعد ، هو محمد بن القاسم الثقفي، لقيادة هذه الحملة.
كان محمد بن القاسم يتمتع بحزم وشجاعة ليس لها نظير ، وكان لديه طموح كبير لإعلاء كلمة الله ونشر الإسلام في أقصى الأرض.
وتحرك البطل محمد بن القاسم الثقفي ، وعمره لم يتجاوز 18 عام بجيشه المكون من 20 ألف مقاتل ، من خيرة الأبطال وصفوة الجنود ، في حملة عسكرية منظمة.
صارت معركة دامية ، أبلي فيها المسلمين بجهد شديد حتي انتهت بانتصار ساحق للمسلمين ، وقُتل ملك السند في المعركة يومئذ وكان إسمه " داهر " ، وتم تحرير الأسيرات ، وعادت إلى العراق سالمة.
عاد محمد بن القاسم منتصراً، حاملًا معه رأس ملك السند كدليل على نصره، وغنائم حرب ضخمة ، كان هذا الانتصار فخراً كبيراً للإسلام والمسلمين، وأسس لحضارة إسلامية عريقة في شبه القارة الهندية.
وعندما وصلت أنباء النصر إلى الحجاج بن يوسف ، قال كلمته الشهيرة " شفينا غيظنا وأدركنا ثأرنا ويقصد بها النساء المسلمات وازددنا ستين ألف ألف درهم ورأس 'داهر' ."
كانت هذه الكلمات تعبيراً عن فرحة النصر، وانتقاماً لشرف الإسلام ومسلميه، وتأكيداً على قوة الدولة الإسلامية وقدرتها على حماية رعايها .
بتصرف من المصادر الآتية :
البداية والنهاية / إبن كثير
فتوح البلدان / البلاذري
إرسال تعليق