مواضيع مهمة

بالصوت والصورة

ADS

?max-results="+numposts5+"&orderby=published&alt=json-in-script&callback=recentarticles8\"><\/script>");

من عهد النبي واصحابه

كل مواضيع المدونة

الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

لابو لابو البطل المسلم الذي قتل ماجلان ودافع عن الفلبين ضد الاستعمار

لابو لابو

البطل المسلم الذي قتل ماجلان ودافع عن الفلبين ضد الاستعمار

على الرغم من شهرة المستكشف فرديناند ماجلان، فإن قليلين يعرفون البطل المسلم لابو لابو الذي قتله ودافع عن أرضه ضد الاستعمار. فمن هو لابو لابو؟ وما قصته؟

لابو لابو: البطل المسلم الذي قتل ماجلان ودافع عن الفلبين ضد الاستعمار

تعالو لنتعرف على كامل القصة:

قبل الإسلام 

عرف العرب والمسلمون منذ القدم جزر الفلبين وأطلقوا عليها اسم " جزر المهراج " وانتشر فيها الإسلام على يد التجار العرب والدعاة القادمين من الصين وسومطرة وكان ذلك في عام 1380م، وقبل مجيء الأسبان كان الإسلام قد وصل إلى حدود "مانيلا"، ونظرًا لأن الفلبين تتألف من أكثر من 7000 جزيرة فقد أسلم بعضها والبعض الآخر لم يصله نور الإسلام .

وصول الأسبان الفلبين

في عام 1521 م وصل الأسبان  بقيادة "فرديناند ماجلان" للفلبين وأقام علاقة مع حاكم جزيرة "سيبو" وتم عقد اتفاق يقضي بأن يوليه ملك الجزر المجاورة تحت التاج الأسباني مقابل أن يساعده على تنصير الشعب الفلبيني.
انتقل الأسبان إلى جزيرة صغيرة بالقرب منها على بعد كيلومترات تدعى جزيرة "ماكتان" عليها سلطان مسلم يدعى "لابو لابو"علم الأسبان بإسلام حاكم الجزيرة فطاردوا نساءها وسطوا على طعام أهلها فقاومهم الأهالي فأضرم الأسبان في أكواخ السكان النار وفروا هاربين.

المقاومه

رفض السلطان "لابو لابو" الخضوع ل"ماجلان" وحرض سكان الجزر المجاورة عليه، ورأى "ماجلان" الفرصة مناسبة لإظهار قوته وأسلحته الحديثة فذهب مع بعض جنوده لتأديبه طلب "ماجلان" من "لابو لابو" التسليم قائلًا ( إنني باسم المسيح أطلب إليك التسليم ونحن العرق الأبيض أصحاب الحضارة أولى منكم بحكم هذه البلاد )، فأجابه "لابو لابو": ( إن الدين لله وإن الإله الذي نعبده هو إله جميع البشر على اختلاف ألوانهم ).
تعالوا معى نشاهد المشهد الأخير فى حياة هذا الرحالة...
"عندما كانت الشمس في منتصف السماء..كانت سفن "ماجلان" تقترب من سواحل إحدى جزر المسلمين في الفلبين.. وكان ذلك أحد أيام عام 1521م..أعلن سكان الجزيرة تصميمهم على الوقوف في وجه الغزاة..وتجمعوا تحت قيادة زعيمهم الشاب "لابو لابو" واستعدوا للمواجهة المرتقبة...في حين توقفت سفن "ماجلان" غير بعيدة عن الشاطئ..أنزلت القوارب الصغيرة وعليها الرجال المدججون بالسلاح والخوذ والتروس والدروع...في حين وقف أهالي الجزيرة و معهم سهام مصنوعة من البامبو المنتشر في الجزيرة وبعض الرماح والسيوف القصيرة القديمة..وتقدم جنود "ماجلان" متدافعين.. ونزلوا من قواربهم الصغيرة عندما اقتربوا من الشاطئ..والتقى الجمعان..وانقض جنود "ماجلان" ليمزقوا الأجساد نصف العارية بسيوفهم الحادة ويضربوا الرؤوس بالتروس و مقاليع الحديد، ولم يهتموا بسهام البامبو المدببة وهى تنهال عليهم من كل صوب، فقد كانوا يصدونها ساخرين بالخوذ والدروع..وتلاحمت الرماح والسيوف.

وكان لابد من لقاء المواجهة ، اللقاء الشرس والفاصل بين"لابو لابو" و"ماجلان".

بدأت المواجهة بحذر شديد..والتفاف كلًا حول الآخر ثم فجأة انقض "ماجلان" بسيفه -وهو يحمى صدره بدرعه الثقيل- على الفتى المسلم عاري الصدر "لابو لابو"، ووجه إليه ضربة صاعقة، وانحرف الفتى بسرعة وتفادى الضربة بينما الرمح في يده يتجه في حركة خاطفة إلى عنق "ماجلان"..لم تكن الإصابة قاتلة، ولكن انبثاق الدم كان كافيًا لتصطك ساقا القائد المغمورتان في الماء وهو يتراجع إلى الخلف وينقض بالترس الحديد على رأس الزعيم الشاب..وللمرة الثانية يتفادى "لابو لابو" ضربة "ماجلان"..في نفس اللحظة ينقض بكل قوه بسيفه القصير فيشق رأس "ماجلان"..الذي سقط مضرجا بدمائه..بينما ارتفعت صيحات الصيادين..لابو...لابو..وكان سقوط القائد الرحالة "ماجلان" كفيلًا بهز كيان من بقى حياً من رجاله..فأسرعوا يتراجعون عائدين إلى سفن الأسطول الذي لم يكن أمامه إلا إن يبتعد هاربًا تاركًا خلفه جثة قائده "ماجلان"..ولا يزال قبره شاهدًا على ذلك هناك حتى الآن.

لابو لابو بطل قومي

الفلبينيون يعتبرون "لابو لابو" بطلا قوميًا قاوم الاستعمار وحفظ لهم كرامتهم وسطر لهم من المجد تاريخاً، وبكل فخر أطلق الفلبينيون اسم "لابو لابو" على سمك الهامور الأحمر الكبير ذو الفم الكبير، ويقول أحد من زاروا الفلبين:
عند تجوالي بالفلبين ذهبت لشراء السمك فدلني البائع على سمك "لابولابو" ثم سألني هل تعرف لماذا ل"لابولابو" له فم كبير وأسنان حادة؟ نظرت للسمكة ولم أستطع إجابته، فضحك البائع ضحكة هستيرية وقال بكل فخر  وكبرياء: كي يأكل "ماجلان" وضحك معه بقية الزبائن.

للأسف الشديد قليل من العرب والمسلمين يعرفون "لابو لابو" ولكن الكثير يعرف "ماجلان"، يجب أن نقوم بتسليط الضوء على هذا البطل المسلم الذي لا يقل عن الأبطال الآخرين الذين قاوموا الاستعمار.
رحم الله "لابو لابو" وأسكنه فسيح جناته.
وكان بعض القوميون الفلبينيين اقترحوا تغيير أسم "الفلبين" (المشتقة من أسم الملك الأسباني فيليب) الى جمهورية "لابو لابو" ألا أن الموضوع لم يتحقق .
والطريف أنهم يطلقون أسم "لابو لابو" على سمكة الهامور المعروفة بالخليج .
وكثيرا ما يسألونك الفلبينيون هذا السؤال الطريف: من قتل "ماجلان"؟ فتقول "لابو لابو" .
عندها يسألك: ومن قتل "لابو لابو" ؟ فتحتار بالإجابة!
عندها يقول لك: الذي قتل "لابو لابو" هو رئيس الطباخين (The Chief).

بعد قراءة هذه القصة ، هل تعتقد أن لابو لابو يستحق أن يكون رمزًا الفلبين ؟ شاركنا رأيك في التعليقات .


إستمتع و تابع أيضا : 

عبدالله بن حذافة السهمي

العيناء المرضية ( أنا زوجتك في الجنة )

أصحمه بن أبجر


كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته


الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

النجاشي أصحمة بن أبجر: قصة الملك النصراني الذي آمن بالنبي ﷺ ولم يره!

(أصحمة بن أبجر) النجاشي 

(الجندي المجهول في أمة الإسلام)

قصة الملك النصراني الذي آمن بالنبي ﷺ ولم يره!

(أصحمة بن أبجر) النجاشي (الجندي المجهول في أمة الإسلام

قال عنه رسول الله  
" اخرجوا فَصَلّوا على أخٍ لكم مات بغير أرضكم" (صدق رسول اللَّه  -صلى اللَّه عليه وسلم-)

تأمل معي هذه القصة العجيبة ، ملك نصراني من ملوك أفريقيا يتبع كنيسة الإسكندرية بالتحديد، هذا الملك يسلم ويؤمن بنبي عربي لم يره في حياته البتة، فيأتيه رجل عربي كافر من نفس مدينة ذلك النبي ليزوره، وغرضه من تلك الزيارة هو محاربة ذلك النبي وأصحابه، ليسلم ذلك الرجل ليس على يدي النبي الذي كان يراه ليل نهار في مدينته وإنما على يدي ذلك الملك الأفريقي الذي لم يرَ النبي أصلًا!
ثم يتحول هذا الرجل العربي إلى بطلٍ من أبطال الإسلام، فيقوم بعد ذلك بإدخال الإسلام إلى مدينة الإسكندرية التي كان يتبع كنيستها ذلك الملك نفسه قبل أن يسلم!
أمّا ذلك النبي فهو محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأمّا ذلك الرجل العربي فهو عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه وأرضاه، وأمّا ذلك الملك الأفريقي المسلم فهو أصحمة بن أبجر نجاشي الحبشة جزاه اللَّه كل خير. 
وإذا كنتَ قد استغربت من هذا الترتيب الإلهي العجيب فتأمل معي ترتيبًا آخر أعجب منه بكثير، والذي يستشعر المرء من خلاله يد اللَّه التي هيأت الظروف لنبيه المصطفى حتى قبل ولادته.
فهناك بعيدًا عن مكة وصحراء العرب، في أدغال مملكة الحبشة (أثيوبيا وأريتريا وشمال الصومال حاليًا) وفي إحدى الليالي المظلمة، قتل بعض المتآمرين (أبجر) نجاشي الحبشة (النجاشي لقب يُطلق على كل ملك يحكم الحبشة!)، ثم جعل أولئك المتآمرون ملكًا آخر على الحبشة، وباعوا ابن الملك المقتول لأحد تجار الرقيق، وفي ليلة من الليالي الممطرة خرج الملك الجديد خارج قصره، وبشكل عجيب غريب، نزلت صاعقة من السماء وهو بين جنوده فأصابته من دونهم، فوقع قتيلًا في التو واللحظة، فسادت الفوضى بلاد الحبشة، فعلموا أنها لعنة حلت عليهم من اللَّه، فبحثوا عن ابن الملك الأول ليعيدوه للحكم، فعرفوا أنه في متن سفينة مبحرة إلى بلاد العرب حيث سيباع هناك عبدًا، فأدركوا السفينة قبل رحيلها، ليجدوا ابن الملك قبل أن يبحر إلى بلاد العرب لكي يباع هناك عبدًا، فقاموا بتحريره ومن ثم اجلسوه على عرش أبيه الذي اغتصبوه من قبل، هذا الغلام كان يسمى (أصحمة بن أبجر) وهو نفس الملك الذي اشتهر لدى المسلمين باسم النجاشي!
وربما يكون هذا الظلم الذي وقع للنجاشي في طفولته هو سبب مقته للظلم، لذلك اشتهر النجاشي بعدله بين الناس، الأمر الذي دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لكي يأمرر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة بعد أن اشتد إيذاء المشركين لهم، عندها بعثت قريشش (عمرو ابن العاص) الذي كان صديقًا قديمًا للنجاشي لكي يستردهم، ولكن المفاجأة حدثتت عندما قذف اللَّه الإيمان في قلب النجاشي، ليخفي النجاشي إسلامه عن قومه، ليس خوفًاا على الكرسي، إنما خوفًا من أن يفتك النصارى باللاجئين المسلمين الذين كانوا يمثلون تقريبًا نصف عدد المسلمين على وجه الكرة الأرضية، فقد بعثهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- خصيصًا للحبشة وأبقاهم بها 15 سنة لكي يحملوا رسالة الإسلام للبشر في حالة إذاا ما قتل المشركون رسولَ اللَّه وصحابته الكرام، فيكون هناك من يحمل راية الإسلام فيي الأرض إذا ما أصابهم مكروه.
هذا التخطيط الإستراتيجي طويل المدى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أدركه تمام الإدراك النجاشي أصحمة، فكان من الضروري على النجاشي أن يكتم إسلامه حرصًا على استمرارية الدعوة، فلقد رأى النجاشي من بطارقة النصارى حَنَقَهم بهذا الدين الذي يدعو إلى وحدانية اللَّه وترك عبادة المسيح، فخشي أن يثوروا عليه ويعزلوه (كما فعلوا مع أبيه من قبل!)، فيضيع بذلك حليف قوي لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان بإمكانه دعم الدولة الإسلامية الناشئة، بل في أسوأ الأحوال، يمكن له استضافة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا ما اقتضت الحاجة، في حالة انهيار دولة المدينة.
هذه الأسباب دعتني لإطلاق لقب (الجندي المجهول في أمة الإسلام) على النجاشي (أصحمة ابن أبجر)، الملك الأفريقي الذي لا يعرف أغلبنا أصلًا أنه مسلم، ليبقى النجاشي مرابطًا في الحبشة بعيدًا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وبعد سنوات من النصرة السرية للمسلمين مات النجاشي رحمه اللَّه قبل أن يكحل عينيه برؤية الرجل الذي آمن به وصدقه من دون أن يراه، ليعلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بخبر موته وهو في المدينة قبل أن يجمع الصحابة ليصلي عليه صلاة الغائب،، لتنتهي بذلك قصة أول ملكٍ من ملوك الأرض يؤمن برسالة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، قصة أول ناصر لهذا الدين من ملوك الأرض!
المفارقة العجيبة في قصة هذا العظيم الإسلامي، أن النجاشي رحمه اللَّه كان التابعي الوحيد الذي أسلم على يديه أحد الصحابة وهو عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- !
المصدر : كتاب مائه من عظماء الإسلام 
إستمتع و تابع أيضا : 

عبدالله بن حذافة السهمي

العيناء المرضية ( أنا زوجتك في الجنة )

ولست أبالي حين أقتل مسلما

كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته

الأحد، 20 نوفمبر 2016

أبيّ بن كعب

أبيّ بن كعب ( ليهنك العلم, أبا المنذر )

سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم:
" يا أبا المنذر..؟ أي آية من كتاب الله أعظم..؟؟
فأجاب قائلا: الله ورسوله أعلم..
وأعاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سؤاله:
" أبا المنذر..؟؟ أيّ أية من كتاب الله أعظم..؟؟
وأجاب أبيّ:
الله لا اله إلا هو الحيّ القيّوم..
فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره بيده, وقال له والغبطة تتألق على محيّاه:
ليهنك العلم أبا المنذر"...
  إن أبا المنذر الذي هنأه الرسول الكريم بما أنعم الله عليه من علم وفهم هو أبيّ بن كعب الصحابي الجليل..
هو أنصاري من الخزرج, شهد العقبة, وبدرا, وبقية المشاهد..
وبلغ من المسلمين الأوائل منزلة رفيعة, ومكانا عاليا, حتى لقد قال عنه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهما: " أبيّ سيّد المسلمين"..
وكان أبيّ بن كعب في مقدمة الذين يكتبون الوحي, ويكتبون الرسائل..
وكان في حفظه القرآن الكريم, وترتيله إياه, وفهمه آياته,من المتفوقين..
قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما:
" يا أبيّ بن كعب.. إني أمرت أن أعرض عليك القرآن"..
وأبيّ يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يتلقى أوامره من الوحي..
هنالك سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشوة غامرة:
" يا رسول الله بأبي أنت وأمي.. وهل ذكرت لك باسمي"..؟؟
فأجاب الرسول:
" نعم.. باسمك, ونسبك, في الملأ الأعلى"..!!
وان مسلما يبلغ من قلب النبي صلى الله عليه وسلم هذه المنزلة لهو مسلم عظيم جد عظيم..
وطوال سنوات الصحبة, وأبيّ بن كعب قريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهل من معينه العذب المعطاء.. وبعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى, ظلّ أبيّ على عهده الوثيق.. في عبادته, وفي قوة دينه, وخلقه..
وكان دائما نذيرا في قومه..
يذكرهم بأيام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وماكانوا عليه من عهد, وسلوك وزهد..
ومن كلماته الباهرة التي كان يهتف بها في أصحابه:
" لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوهنا واحدة.. فلما فارقنا, اختلفت وجوهنا يمينا وشمالا"..

  ولقد ظل مستمسكا بالتقوى, معتصما بالزهد, فلم تستطع الدنيا أن تفتنه أو تخدعه..
ذلك أنه كان يرى حقيقتها في نهايتها..
فمهما يعيش المرء, ومهما يتقلب في المناعم والطيبات, فانه ملاق يوما يتحول فيه كل ذلك إلى هباء, ولا يجد بين يديه إلا ما عمل من خير, أو ما عمل من سوء.. وعن عمل الدنيا يتحدّث أبيّ فيقول:
" إن طعام ني آدم, قد ضرب للدنيا مثلا.. فان ملّحه, وقذحه, فانظر إلى ماذا يصير"..؟؟
وكان أبيّ إذا تحدّث للناس استشرفته الأعناق والأسماع في شوق وإصغاء..
ذلك أنه من الذين لم يخافوا في الله أحدا.. ولم يطلبوا من الدنيا غرضا..
وحين اتسعت بلاد الإسلام, ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم في غير حق, وقف يرسل كلماته المنذرة:
" هلكوا ورب الكعبة.. هلكوا وأهلكوا.. أما إني لا آسى عليهم, ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين".
  وكان على كثرة ورعه وتقاه, يبكي كلما ذكر الله واليوم الآخر.
وكانت آيات القرآن الكريم وهو يرتلها, أو يسمعها, تهزه وتهز كل كيانه..
وعلى ئأن آية من تلك الآيات الكريمة, كان إذا سمعها أو تلاها تغشاه من الأسى ما لا يوصف..
تلك هي:
( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم, أو من تحت أرجلكم, أو يلبسكم شيعا.. ويذيق بعضكم بأس بعض)..
كان أكثر ما يخشاه أبيّ على الأمة المسلمة أن يأتي عليها اليوم الذي يصير بأس أبنائها بينهم شديدا..
وكان يسأل الله العافية دوما.. ولقد أدركها بفضل من الله ونعمة..

ولقي ربه مؤمنا, وآمنا ومثابا..

إستمتع و تابع أيضا :                



كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته

أبو ذر الغفاري

أبو ذر الغفاري 


أقبل على مكة نشوان مغتبطا..
صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم, بيد أن الغاية التي يسعى إليها, أنسته جراحه, وأفاضت على روحه الحبور والبشور.ودخلها متنكرا, كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوّفوا بآلهة الكعبة العظام.. أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه, أو طال به السفر والارتحال فأوى إليها يستريح ويتزوّد.
لو علم أهل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم, ويستمع إليه لفتكوا به.وهو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به, ولكن بعد أن يقابل الرجل إلي قطع الفيافي ليراه, وبعد أن يؤمن به, إن اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..
ولقد مضى يتسمّع الأنباء من بعيد, وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر, حتى جمع من نثارات الحديث هنا وهناك ما دله على محمد, وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.في صبيحة يوم ذهب إلى هناك, فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً وحده, فاقترب منه وقال:نعمت صباحا يا أخا العرب..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا أخاه.
قال أبو ذر:أنشدني مما تقول..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هو بشعر فأنشدك ولكنه قرآن كريم.
قال أبو ذر: اقرأ عليّ..
فقرأ الرسول عليه الصلاة والسلامعلى أبو ذر وهو يصغي.. ولم يمض من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر:"أشهد أن لا اله إلا الله.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
وسأله النبي: ممن أنت يا أخا العرب..؟
فأجابه أبو ذر: من غفار..
وتألقت ابتسامة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم, واكتسى وجهه الدهشة والعجب..وضحك أبو ذر كذلك, فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالإسلام أمامه إنما هو رجل من غفار..فغفار هذه قبيلة لها باع فى قطع الطريقوأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. إنهم حلفاء الليل والظلام, والويل لمن يسلمه الليل إلى واحد من قبيلة غفار.أفيجيء منهم اليوم, والإسلام لا يزال دينا غصّا مستخفياَ, واحد ليسلم..؟
يقول أبو ذر وهو يروي القصة بنفسه:".. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوّبه تعجبا, لما كان من غفار, ثم قال: إن الله يهدي من يشاء.
ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى, وأراد بهم الخير.وإنه لذو بصر بالحق, فقد روي عنه أنه أحد الذين شاء الله لهم الهدى, وأراد بهم الخير.وانه لذو بصر بالحق, فقد روي عنه أنه أحد الذين كانوا يتألهون في الجاهلية, أي يتمرّدون على عبادة الأصنام , ويذهبون إلى الإيمان باله خالق عظيم. وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبي يسفّه عبادة الأصنام وعبّادها, ويدعو إلى عبادة الله الواحد القهار, حتى حث إليه الخطى, وشدّ الرحال.أسلم أبو ذر من فوره..وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس..إذن, هو قد أسلم في الأيام الأولى, بل الساعات الأولى للإسلام, وكان إسلامه مبكرا..وحين أسلم كلن الرسول يهمس بالدعوة همسا.. يهمس بها إلى نفسه, وإلى الخمسة الذين آمنوا معه, ولم يكن أمام أبي ذر إلا أن يحمل إيمانه بين جنبيه, ويتسلل به مغادراً مكة, وعائدا إلى قومه...ولكن أبا ذر, جندي بن جنادة, يحمل طبيعة فوارة جيّاشة.لقد خلق ليتمرّد على الباطل أنى يكون.. وها هو ذا يرى الباطل بعينيه.. حجارة مرصوصة, ميلاد عابديها أقدم من ميلادها, تنحني أمامها الجباه والعقول, ويناديها الناس: لبيك.. لبيك.. وصحيح أنه رأى الرسول يؤثر لهمس في أيامه تلك.. ولكن لا بدّ من صيحة يصيحها هذا الثائر الجليل قبل أن يرحل.
لقد توجه إلى الرسول فور إسلامه بهذا السؤال: يا رسول الله, بم تأمرني..؟
فأجابه الرسول: ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري..
فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالإسلام في المسجد..
ألم أقل لكم؟؟ تلك طبيعة متمرّدة جيّاشة أفي اللحظة التي يكشف فيها أبو ذر عالما جديدا بأسره يتمثل في الرسول الذي آمن به وفي الدعوة التي سمع بتباشيرها على لسانه أفي هذه اللحظة يراد له أن يرجع إلى أهله صامتا؟ هذا أمر فوق طاقته..
هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته:[أشهد أن لا اله إلا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله].
..كانت هذه الصيحة أول صيحة بالإسلام تحدّت كبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل غريب ليس له في مكّة حسب ولا نسب ولا حمى..ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه.. فقد أحاط به المشركون وضربوه حتى صرعوه..وترامى النبأ إلى العباس عم النبي, فجاء يسعى, وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم إلا بالحيلة الذكية, قال له:"يا معشر قريش, أنتم تجار, وطريقكم على غفار,, وهذا رجل من رجالها, إن يحرّض قومه عليكم, يقطعوا على قوافلكم الطريق".. 
فثابوا إلى رشدهم وتركوه ولكن أبا ذر قد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد وهكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين ( أساف و نائلة ) ودعوانهما, حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا فتصرخ المرأتان ويهرول الرجال كالجراد, ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه
وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه" يشهد أن لا اله إلا الله  وأن محمدا رسول الله". 
ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة  تلميذه الجديد الوافد, وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل. بيد أن وقته لم يأت بعد, فيعيد عليه أمره بالعودة إلى قومه, حتى إذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه..ويعود أبو ذر إلى عشيرته وقومه, فيحدثهم عن النبي الذي ظهر يدعو إلى عبادة الله وحده ويهدي لمكارم الأخلاق, ويدخل قومه في الإسلام, واحدا اثر واحد.. ولا يكتفي بقبيلته غفار, بل ينتقل إلى قبيلة أسلم فيوقد فيها مصابيحه..
وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمن, ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة, ويستقر بها والمسلمون معه.وذات يوم تستقبل مشارفها صفوفا طويلة من المشاة والركبان, أثارت أقدامهم النقع.. ولولا تكبيراتهم الصادعة, لحبسهم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك..اقترب الموكب اللجب.. ودخل المدينة.. ويمم وجهه شطر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه..لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم, جاء بهما أبو ذر مسلمين جميعا رجإلا ونساء. شيوخا وشبابا, وأطفالا..وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودهشة..فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن إسلامه وإيمانه, وقال معبّرا عن دهشته:"إن الله يهدي من يشاء"..!!أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعها تجيئه مسلمة. وقد قطعت في الإسلام بضع سنين منذ هداها الله على يد أبي ذر, وتجيء معها قبيلة أسلم..إن عمالقة السطور وحلفاء الشيطان, قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق.أليس الله يهدي من يشاء حقا..؟؟
لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوههم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا..ونظر إلى قبيلة غفار وقال:"غفار غفر الله لها".
ثم إلى قبيلة أسلم فقال:"وأسلم سالمها الله"..وأبو ذر هذا الداعية الرائع.. القوي الشكيمة, العزيز المنال.. إلا يختصه الرسول عليه الصلاة والسلام بتحية..؟؟أجل.. ولسوف يكون جزاؤه موفورا, وتحيته مباركة..ولسوف يحمل صدره, ويحمل تاريخه, أرفع الأوسمة وأكثرها جلالا وعزة..ولسوف تفنى القرون والأجيال, والناس يرددون رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي ذر:
" ما أقلّت الغبراء, ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر"
وألقى الرسـول صلى الله عليه وسلم يوما هذا السـؤال:
" يا أبا ذر كيف أنت إذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء"..؟
فأجاب قائلا:"إذن والذي بعثك بالحق, لأضربن بسيفي".
فقال له الرسول : "أفلا أدلك على خير من ذلك..؟اصبر حتى تلقاني".
ترى لماذا سأله الرسول هذا السؤال بالذات..؟؟الأمراء .. والمال..؟؟تلك قضية أبي ذر التي سيهبها حياته, وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل..ولقد عرفها رسول الله فألقى عليه السؤال, ليزوده هذه النصيحة الثمينة:"اصبر حتى تلقاني"..
لقد طال عهد أمير المؤمنين عمر, فارضا على ولاة المسلمين وأمرائهم وأغنيائهم في كل مكان من الأرض, زهدا وتقشفا, ودعا يكاد يكون فوق طاقة البشر..إن واليا من ولاته في العراق, أو في الشام, أو في صنعاء.. أو في أي من البلاد النائية البعيدة, لا يكاد يصل إليها نوعا من الحلوى, لا يجد عامة الناس قدرة على شرائه, حتى يكون الخبر قد وصل إلى عمر بعد أيام. وحتى تكون أوامره الصارمة قد ذهبت لتستدعي ذلك الوالي إلى المدينة ليلقى حسابه العسير..

فى وقت ما لم يعد الإنس يبصرونه قادما إلا استقبلوه بهذه الكلمات:" بشّر الكانزين بمكاو من نار"..لقد صارت هذه العبارة علما على رسالته التي نذر حياته لها, حين رأى الثروات تتركز وتحتكر.. وحين رأى السلطة استعلاء واستغلال.. وحين رأى حب الدنيا يطغى ويوشك أن يطمر كل ما صنعته سنوات الرسالة العظمى من جمال وورع, وتفان وإخلاص..
لقد بدأ بأكثر تلك المعاقل سيطرة ورهبة.. هناك في الشام حيث "معاوية بن أبي سفيان" يحكم أرضا من أكثر بلاد الإسلام خصوبة وخيرا وفيضا, وانه ليعطي الأموال ويوزعها بغير حساب, يتألف بها الناس الذين لهم حظ ومكانة, ويؤمن بها مستقبله الذي كان يرنو إليه طموحه البعيد.هناك الضياع والقصور والثروات تفتن الباقية من حملة الدعوة, فليدرك أبو ذر الخطر قبل أن يحيق ويدمّر..وحسر زعيم المعارضة رداءه المتواضع عن ساقيه, وسابق الريح إلى الشام..ولم يكد الناس العاديون يسمعون بمقدمه حتى استقبلوه في حماسة وشوق, والتفوا حوله أينما ذهب وسار..حدثنا يا أبا ذر..حدثنا يا صاحب رسول الله..ويلقي أبو ذر على الجموع حوله نظرات فاحصة, فيرى أكثرها ذوي خصاصة وفقر.. ثم يرنو ببصره نحو المشارف القريبة فيرى  القصور والضياع..ثم يصرخ في الحافين حوله قائلا:
" عجبت لمن لا يجد القوت في بيته, كيف لا يخرج على الإنس شاهرا سيفه"..
ثم يذكر من فوره وصية رسول الله أن يضع الأناة مكان الانقلاب, والكلمة الشجاعة مكان السيف.. فيترك لغة الحرب هذه ويعود  إلى لغة المنطق والاقتناع, فيعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط.. وأنهم جميعا شركاء في الرزق.. وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.. وأن أمير القوم ووليهم, هو أول من يجوع إذا جاعوا, وآخر من شبع إذا شبعوا..لقد قرر أن يخلق بكلماته وشجاعته رأيا عامّا من كل بلاد الإسلام يكون له من الفطنة والمناعة, والقوة ما يجعله شكيمة لأمرائه وأغنيائه, وما يحول دون ظهور طبقات مستغلة للحكم, أو محتكرة للثروة.وفي أيام قلائل, كانت الشام كلها كخلايا نحل وجدت ملكتها المطاعة.. ولو أعطى أبو ذر إشارة عابرة بالثورة لاشتعلت نارا..
ولكنه كما قلنا, حصر اهتمامه في خلق رأي عام يفرض احترامه, وصارت كلماته حديث المجالس والمساجد والطريق.ولقد بلغ خطره على الامتيازات الناشئة مداه, يوم ناظر معاوية على ملأ من الناس. ثم أبلغ الشاهد للمناظرة, الغائب عنها. وسارت الرياح بأخبارها..
ولقد وقف أبو ذر أصدق العالمين لهجة, كما وصفه نبيه وأستاذه..وقف يسائل معاوية في غير خوف ولا مداراة عن ثروته قبل أن يصبح حاكما, وعن ثروته اليوم وعن البيت الذي كان يسكنه بمكة, وعن قصوره بالشام اليوم..!!ثم يوجه السؤال للجالسين حوله من الصحابة الذين صحبوا معاوية إلى الشام وصار لبعضهم قصور وضياع.ثم يصيح فيهم جميعا: أفأنتم الذين نزل القرآن على الرسول وهو بين ظهرانيهم..؟؟
ويتولى الإجابة عنهم: نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن, وشهدتم مع الرسول المشاهد..
ثم يعود ويسأل: ألا تجدون في كتاب الله هذه الآية:(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) )..؟؟ (التوبة )
ويختلان معاوية طريق الحديث قائلا: لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب..
ويصيح أبو ذر: لا بل أنزلت لنا ولهم.. ويتابع أبو ذر القول ناصحا معاوية ومن معه أن يخرجوا كل ما بأيديهم من ضياع وقصور وأموال.. وألا يدّخر أحدهم لنفسه أكثر من حاجات يومه..وتتناقل المحافل والجموع نبأ هذه المناظرة وأنباء أبي ذر..ويتعالى نشيد أبي ذر في البيوت والطرقات:(بشّر الكانزين بمكاو من نار يوم القيامة)..
ويستشعر معاوية الخطر, ولكنه يعرف له قدره, فلا يقربه بسوء, ويكتب عن فوره للخليفة عثمان رضي الله عنه يقول له:" إن أبا ذر قد أفسد الإنس بالشام"..
ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه للمدينة.ويحسر أبي ذر طرف ردائه عن ساقيه مرّة أخرى ويسافر إلى المدينة تاركا الشام في يوم لم تشهد دمشق مثله يوما من أيام الحفاوة والوداع .. (لا حاجة لي في دنياكم)... 
هكذا قال أبو ذر للخليفة عثمان بعد أن وصل إلى المدينة, وجرى بينهما حوار طويل.لقد خرج عثمان من حواره مع صاحبه, ومن الأنباء التي توافدت عليه من كل الأقطار عن مشايعة الجماهير لآراء أبي ذر, بادراك صحيح لخطر دعوته وقوتها, وقرر أن يحتفظ به إلى جواره في المدينة, محددا بها إقامته.ولقد عرض عثمان قراره على أبي ذر عرضا رفيقا, رقيقا, فقال له: " ابق هنا بجانبي, تغدو عليك القاح وتروح"..
وأجابه أبو ذر: (لا حاجة لي في دنياكم) أجل لا حاجة له في دنيا الناس.. انه من أولئك القديسين الذين يبحثون عن ثراء الروح, ويحيون الحياة ليعطوا لا ليأخذوا..
ولقد طلب من الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يأذن له الخروج إلى الرّبذة فأذن له..ولقد ظل وهو في احتدام معارضته أمينا لله ورسوله, حافظا في أعماق روحه النصيحة التي وجهها إليه الرسول عليه الصلاة والسلام ألا يحمل السيف.. لكأن الرسول رأى الغيب كله.. غيب أبي ذر ومستقبله, فأهدى إليه هذه النصيحة الغالية.ومن ثم لم يكن أبو ذر ليخفي انزعاجه حين يرى بعض المولعين بإيقاد الفتنة يتخذون من دعوته سببا لإشباع ولعهم وكيدهم.جاءه يوما وهو في الرّبدة وفد من الكوفة يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد الخليفة, فزجرهم بكلمات حاسمة:
" والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة, أ جبل, لسمعت, وأطعت, وصبرت واحتسبت, ورأيت ذلك خيرا لي..ولوسيّرني ما بين الأفق إلى الأفق , لسمعت وأطعت, وصبرت واحتسبت, ورأيت ذلك خيرا لي ولو ردّني إلى منزلي, لسمعت وأطعت, وصبرت واحتسبت, ورأيت ذلك خيرا لي".
.ذلك رجل لا يريد غرضا من أغراض الدنيا, ومن ثم أفاء الله عليه نور البصيرة.. ومن ثم مرة أخرى أدرك ما تنطوي عليه الفتنة المسلحة من وبال وخطر فتحاشاها.. كما أدرك ما ينطوي عليه الصمت من وبال وخطر, فتحاشاه أيضا, ورفع صوته لا سيفه بكلمة الحق ولهجة الصدق, لا أطماع تغريه.. ولا عواقب تثنيه..!لقد تفرّغ أبو ذر للمعارضة الأمينة وتبتّل.وسيقضي عمره كله يحدّق في أخطاء الحكم وأخطاء المال, فالحكم والمال يملكان من الإغراء والفتنة ما يخافه أبو ذر على إخوانه الذين حملوا راية الإسلام مع رسولهم صلى الله عليه وسلم, والذين يجب أن يظلوا لها حاملين.والحكم والمال أيضا, هما عصب الحياة للأمة والجماعات, فإذا اعتورهما الضلال تعرضت مصاير الناس للخطر الأكيد.ولقد كان أبو ذر يتمنى لأصحاب الرسول إلا يلي أحد منهم إمارة أو يجمع ثروة, وأن يظلوا كما كانوا روّاد للهدى, وعبّادا لله..وقد كان يعرف ضراوة الدنيا وضراوة المال
كان أبو ذر الغفاري يدرك أن أبا بكر وعمر لن يتكررا.. ولطالما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من إغراء الإمارة ويقول عنها:".. إنها أمانة, وإنها يوم القيامة خزي وندامة.. إلا من أخذها بحقها, وأدّى الذي عليه فيها"...
ولقد بلغ الأمر بأبي ذر ليتجنّب إخوانه إن لم يكن مقاطعتهم,لأنهم ولوا الإمارات, وصار لهم بطبيعة الحال ثراء وفرة..لقيه أبو موسى الأشعري يوما, فلم يكد يراه حتى فتح له ذراعيه وهو يصيح من الفرح بلقائه:" مرحبا أبا ذر.. مرحبا بأخي". 
ولكن أبا ذر دفعه عنه وهو يقول:" لست بأخيك, إنما كنت أخاك قبل أن تكون واليا وأميرا"
كذلك لقيه أبو هريرة يوما واحتضنه مرحّبا, ولكن أبا ذر نحّاه عنه بيده وقال له:
(اليك عني ألست الذي وليت الإمارة فتطاولت في البنيان واتخذت لك ماشية وزرعا)
ومضى أبو هريرة يدافع عن نفسه ويبرئها من تلك الشائعات..وقد يبدو أبو ذر مبالغا في موقفه من الحكم والثروة..ولكن لأبي ذر منطقه الذي يشكله صدقه مع نفسه, ومع إيمانه, فأبو ذر  يقف بأحلامه وأعماله.. بسلوكه ورؤاه, عند المستوى الذي خلفه لهم رسول الله وصاحباه.. أبو بكر وعمر..وإذا كان البعض يرى في ذلك المستوى مثالية لا يدرك شأوها, فان أبا ذر يراها قدوة ترسم طريق الحياة والعمل, ولا سيما لأولئك الرجال الذين عاصروا الرسول عليه السلام, وصلوا وراءه, وجاهدوا معه, وبايعوه على السمع والطاعة.كما أنه يدرك بوعيه المضيء, ما للحكم وما للثروة من أثر حاسم في مصاير الناس, ومن ثم فان أي خلل يصيب أمانة الحكم, أو عدالة الثروة, يشكل خطرا يجب دحضه ومعارضته.ولقد عاش أبو ذر ما استطاع حاملا لواء القدوة العظمى للرسول عليه السلام وصاحبيه, أمينا عليها, حارسا لها.
وكان أستاذ في فن التفوق على مغريات الإمارة والثروة,...عرضت عليه الإمارة بالعراق فقال:" لا والله.. لن تميلوا عليّ بدنياكم أبدا"..
ورآه صاحبه يوما يلبس جلبابا قديما فسأله:أليس لك ثوب غير هذا؟.. لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين..؟
فأجابه أبو ذر: " يا بن أخي.. لقد أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني"..
قال له: والله انك لمحتاج إليهما.
فأجاب أب ذر: "اللهم اغفر.. انك لمعظّم للدنيا, ألست ترى عليّ هذه البردة..؟؟ ولي أخرى لصلاة الجمعة, ولي عنزة أحلبها, وأتان أركبها, فأي نعمة أفضل ما نحن فيه".
وجلس يوما يحدّث ويقول:[أوصاني خليلي بسبع..أمرني بحب المساكين والدنو منهم..وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني, ولا أنظر إلى من هو فوقي..وأمرني إلا أسأل أحد شيئا..وأمرني أن أصل الرحم..وأمرني أن أقول الحق وان كان مرّا..وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم..وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله].
ولقد عاش هذه الوصية, وصاغ حياته وفقها, حتى صار "ضميرا" بين قومه وأمته..ويقول الإمام علي رضي الله عنه:"لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر".
عاش يناهض استغلال الحكم, واحتكار الثروة..عاش يدحض الخطأ, ويبني الصواب..عاش متبتلا لمسؤولية النصح والتحذير..يمنعونه من الفتوى, فيزداد صوته بها ارتفاعا, ويقول لمانعيه:" والذي نفسي بيده, لو وضعتم السيف فوق عنقي, ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها".
ويا ليت المسلمين استمعوا يومئذ لقوله ونصحه..إذن لما ماتت في مهدها تلك الفتن التي تفقم فيما بعد أمرها واستفحل خطرها, وعرّضت المجتمع والإسلام لأخطار, ما كان أقساها من أخطار.
والآن يعالج أبو ذر سكرات الموت في الربذة.. المكان الذي اختار الإقامة فيه اثر خلافه مع عثمان رضي الله عنه, فتعالوا بنا إليه نؤد للراحل العظيم تحية الوداع, ونبصر في حياته الباهرة مشهد الختام.ان هذه السيدة السمراء الضامرة, الجالسة إلى جواره تبكي, هي زوجته..وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق..؟
فتجيبه بأنها تبكي: " لأنك تموت, وليس عندي ثوب يسعك كفنا".
فيرد :لا تبكي, فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض, تشهده عصابة من المؤمنين..وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية, ولم يبق منهم غيري .. وهاأنذا بالفلاة أموت, فراقبي الطريق,, فستطلع علينا عصابة من المؤمنين, فاني والله ما كذبت ولا كذبت".
وفاضت روحه إلى الله..ولقد صدق..فهذه القافلة التي تغذ السير في الصحراء, تؤلف جماعة من المؤمنين, وعلى رأسهم عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله.وان ابن مسعود ليبصر المشهد قبل أن يبلغه.. مشهد جسد ممتد يبدو كأنه جثمان ميّت, وإلى جواره سيدة وغلام يبكيان..ويلوي زمام دابته والركب معه صوب المشهد, ولا يكاد يلقي نظرة على الجثمان, حتى تقع عيناه على وجه صاحبه وأخيه في الله والإسلام أبي ذر.وتفيض عيناه بالدمع, ويقف على جثمانه الطاهر يقول:" صدق رسول الله.. نمشي وحدك, وتموت وحدك, وتبعث وحدك".
ويجلس ابن مسعود رضي الله عنه لصحبه  تفسير تلك العبارة التي نعاه بها:" تمشي وحدك.. وتموت حدك.. وتبعث وحدك"...كان ذلك في غزوة تبوك.. سنة تسع من الهجرة, وقد أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ لملاقاة الروم, الذين شرعوا يكيدون للإسلام ويأتمرون به.وكانت الأيام التي دعى فيها الناس للجهاد أيام عسر وقيظ..وكانت الشقة بعيدة.. والعدو مخيفا..ولقد تقاعس عن الخروج نفر من المسلمين, تعللوا بشتى المعاذير..وخرج الرسول وصحبه.. وكلما أمعنوا في السير ازدادوا جهدا ومشقة, فجعل الرجل يتخلف, ويقولون يا رسول الله تخلف فلان, فيقول:" دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.. وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه"..!!وتلفت القوم ذات مرة, فلم يجدوا أبا ذر.. وقالوا للرسول عليه الصلاة والسلام:لقد تخلف أبو ذر, وأبطأ به بعيره..وأعاد الرسول مقالته الأولى..كان بعير أبي ذر قد ضعف تحت وطأة الجوع والظمأ والحر وتعثرت من الإعياء خطاه..وحاول أبو ذر أن يدفعه للسير الحثيث بكل حيلة وجهد, ولكن الإعياء كان يلقي ثقله على البعير..ورأى أبو ذر أنه بهذا سيتخلف عن المسلمين وينقطع دونهم الأثر, فنزل من فوق ظهر البعير, وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه, مهرولا, وسط صحراء ملتهبة, كما يدرك رسوله عليه السلام وصحبه..وفي الغداة, وقد وضع المسلمون رحالهم ليستريحوا, بصر أحدهم فرأى سحابة من النقع والغبار تخفي وراءها شبح رجل يغذ السير..وقال الذي رأى: يا رسول الله, هذا رجل يمشي على الطريق وحده..وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (كن أبا ذر)..وعادوا لما كانوا فيه من حديث, ريثما يقطع القادم المسافة التي تفصله عنهم, وعندها يعرفون من هو..وأخذ المسافر الجليل يقترب منهم رويدا.. يقتلع خطاه من الرمل المتلظي اقتلاعا, وحمله فوق ظهره بتؤدة.. ولكنه مغتبط فرحان لأنه أردك القافلة المباركة, ولم يتخلف عن رسول الله  وإخوانه المجاهدين..وحين بلغ أول القافلة, صاح صائهحم: يارسول الله: انه والله أبا ذر..وسار أبو ذر صوب الرسول.ولم يكد صلى الله عليه وسلم يراه حتى تألقت على وجهه ابتسامة حانية واسية, وقال:[يرحم الله أبا ذر..يمشي وحده..ويموت وحده..ويبعث وحده...
وبعد مضي عشرين عاما على هذا اليوم أو تزيد, مات أبو ذر وحيدا, في فلاة الربذة.. بعد أن سار حياته كلها وحيدا على طريق لم يتألق فوقه سواه.. ولقد بعث في التاريخ وحيدا في عظمة زهده, وبطولة صموده..ولسوف يبعث عند الله وحيدا كذلك؛ لأن زحام فضائله المتعددة, لن يترك بجانبه مكانا لأحد سواه..!!!


إستمتع و تابع أيضا :                         
عثمان نوري باشا
العيناء المرضية ( أنا زوجتك في الجنة )


كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته


المشاركات الشائعة

 
copyright © 2013 بطولات إسلاميه و إنجازات
GooPlz Blogger Template Download. Powered byBlogger blogger templates