مواضيع مهمة

بالصوت والصورة

ADS

?max-results="+numposts5+"&orderby=published&alt=json-in-script&callback=recentarticles8\"><\/script>");

من عهد النبي واصحابه

كل مواضيع المدونة

الأحد، 20 نوفمبر 2016

أبيّ بن كعب

أبيّ بن كعب ( ليهنك العلم, أبا المنذر )

سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم:
" يا أبا المنذر..؟ أي آية من كتاب الله أعظم..؟؟
فأجاب قائلا: الله ورسوله أعلم..
وأعاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سؤاله:
" أبا المنذر..؟؟ أيّ أية من كتاب الله أعظم..؟؟
وأجاب أبيّ:
الله لا اله إلا هو الحيّ القيّوم..
فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره بيده, وقال له والغبطة تتألق على محيّاه:
ليهنك العلم أبا المنذر"...
  إن أبا المنذر الذي هنأه الرسول الكريم بما أنعم الله عليه من علم وفهم هو أبيّ بن كعب الصحابي الجليل..
هو أنصاري من الخزرج, شهد العقبة, وبدرا, وبقية المشاهد..
وبلغ من المسلمين الأوائل منزلة رفيعة, ومكانا عاليا, حتى لقد قال عنه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهما: " أبيّ سيّد المسلمين"..
وكان أبيّ بن كعب في مقدمة الذين يكتبون الوحي, ويكتبون الرسائل..
وكان في حفظه القرآن الكريم, وترتيله إياه, وفهمه آياته,من المتفوقين..
قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما:
" يا أبيّ بن كعب.. إني أمرت أن أعرض عليك القرآن"..
وأبيّ يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يتلقى أوامره من الوحي..
هنالك سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشوة غامرة:
" يا رسول الله بأبي أنت وأمي.. وهل ذكرت لك باسمي"..؟؟
فأجاب الرسول:
" نعم.. باسمك, ونسبك, في الملأ الأعلى"..!!
وان مسلما يبلغ من قلب النبي صلى الله عليه وسلم هذه المنزلة لهو مسلم عظيم جد عظيم..
وطوال سنوات الصحبة, وأبيّ بن كعب قريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهل من معينه العذب المعطاء.. وبعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى, ظلّ أبيّ على عهده الوثيق.. في عبادته, وفي قوة دينه, وخلقه..
وكان دائما نذيرا في قومه..
يذكرهم بأيام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وماكانوا عليه من عهد, وسلوك وزهد..
ومن كلماته الباهرة التي كان يهتف بها في أصحابه:
" لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوهنا واحدة.. فلما فارقنا, اختلفت وجوهنا يمينا وشمالا"..

  ولقد ظل مستمسكا بالتقوى, معتصما بالزهد, فلم تستطع الدنيا أن تفتنه أو تخدعه..
ذلك أنه كان يرى حقيقتها في نهايتها..
فمهما يعيش المرء, ومهما يتقلب في المناعم والطيبات, فانه ملاق يوما يتحول فيه كل ذلك إلى هباء, ولا يجد بين يديه إلا ما عمل من خير, أو ما عمل من سوء.. وعن عمل الدنيا يتحدّث أبيّ فيقول:
" إن طعام ني آدم, قد ضرب للدنيا مثلا.. فان ملّحه, وقذحه, فانظر إلى ماذا يصير"..؟؟
وكان أبيّ إذا تحدّث للناس استشرفته الأعناق والأسماع في شوق وإصغاء..
ذلك أنه من الذين لم يخافوا في الله أحدا.. ولم يطلبوا من الدنيا غرضا..
وحين اتسعت بلاد الإسلام, ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم في غير حق, وقف يرسل كلماته المنذرة:
" هلكوا ورب الكعبة.. هلكوا وأهلكوا.. أما إني لا آسى عليهم, ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين".
  وكان على كثرة ورعه وتقاه, يبكي كلما ذكر الله واليوم الآخر.
وكانت آيات القرآن الكريم وهو يرتلها, أو يسمعها, تهزه وتهز كل كيانه..
وعلى ئأن آية من تلك الآيات الكريمة, كان إذا سمعها أو تلاها تغشاه من الأسى ما لا يوصف..
تلك هي:
( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم, أو من تحت أرجلكم, أو يلبسكم شيعا.. ويذيق بعضكم بأس بعض)..
كان أكثر ما يخشاه أبيّ على الأمة المسلمة أن يأتي عليها اليوم الذي يصير بأس أبنائها بينهم شديدا..
وكان يسأل الله العافية دوما.. ولقد أدركها بفضل من الله ونعمة..

ولقي ربه مؤمنا, وآمنا ومثابا..

إستمتع و تابع أيضا :                



كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته

أبو ذر الغفاري

أبو ذر الغفاري 


أقبل على مكة نشوان مغتبطا..
صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم, بيد أن الغاية التي يسعى إليها, أنسته جراحه, وأفاضت على روحه الحبور والبشور.ودخلها متنكرا, كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوّفوا بآلهة الكعبة العظام.. أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه, أو طال به السفر والارتحال فأوى إليها يستريح ويتزوّد.
لو علم أهل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم, ويستمع إليه لفتكوا به.وهو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به, ولكن بعد أن يقابل الرجل إلي قطع الفيافي ليراه, وبعد أن يؤمن به, إن اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..
ولقد مضى يتسمّع الأنباء من بعيد, وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر, حتى جمع من نثارات الحديث هنا وهناك ما دله على محمد, وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.في صبيحة يوم ذهب إلى هناك, فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً وحده, فاقترب منه وقال:نعمت صباحا يا أخا العرب..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا أخاه.
قال أبو ذر:أنشدني مما تقول..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هو بشعر فأنشدك ولكنه قرآن كريم.
قال أبو ذر: اقرأ عليّ..
فقرأ الرسول عليه الصلاة والسلامعلى أبو ذر وهو يصغي.. ولم يمض من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر:"أشهد أن لا اله إلا الله.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
وسأله النبي: ممن أنت يا أخا العرب..؟
فأجابه أبو ذر: من غفار..
وتألقت ابتسامة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم, واكتسى وجهه الدهشة والعجب..وضحك أبو ذر كذلك, فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالإسلام أمامه إنما هو رجل من غفار..فغفار هذه قبيلة لها باع فى قطع الطريقوأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. إنهم حلفاء الليل والظلام, والويل لمن يسلمه الليل إلى واحد من قبيلة غفار.أفيجيء منهم اليوم, والإسلام لا يزال دينا غصّا مستخفياَ, واحد ليسلم..؟
يقول أبو ذر وهو يروي القصة بنفسه:".. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوّبه تعجبا, لما كان من غفار, ثم قال: إن الله يهدي من يشاء.
ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى, وأراد بهم الخير.وإنه لذو بصر بالحق, فقد روي عنه أنه أحد الذين شاء الله لهم الهدى, وأراد بهم الخير.وانه لذو بصر بالحق, فقد روي عنه أنه أحد الذين كانوا يتألهون في الجاهلية, أي يتمرّدون على عبادة الأصنام , ويذهبون إلى الإيمان باله خالق عظيم. وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبي يسفّه عبادة الأصنام وعبّادها, ويدعو إلى عبادة الله الواحد القهار, حتى حث إليه الخطى, وشدّ الرحال.أسلم أبو ذر من فوره..وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس..إذن, هو قد أسلم في الأيام الأولى, بل الساعات الأولى للإسلام, وكان إسلامه مبكرا..وحين أسلم كلن الرسول يهمس بالدعوة همسا.. يهمس بها إلى نفسه, وإلى الخمسة الذين آمنوا معه, ولم يكن أمام أبي ذر إلا أن يحمل إيمانه بين جنبيه, ويتسلل به مغادراً مكة, وعائدا إلى قومه...ولكن أبا ذر, جندي بن جنادة, يحمل طبيعة فوارة جيّاشة.لقد خلق ليتمرّد على الباطل أنى يكون.. وها هو ذا يرى الباطل بعينيه.. حجارة مرصوصة, ميلاد عابديها أقدم من ميلادها, تنحني أمامها الجباه والعقول, ويناديها الناس: لبيك.. لبيك.. وصحيح أنه رأى الرسول يؤثر لهمس في أيامه تلك.. ولكن لا بدّ من صيحة يصيحها هذا الثائر الجليل قبل أن يرحل.
لقد توجه إلى الرسول فور إسلامه بهذا السؤال: يا رسول الله, بم تأمرني..؟
فأجابه الرسول: ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري..
فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالإسلام في المسجد..
ألم أقل لكم؟؟ تلك طبيعة متمرّدة جيّاشة أفي اللحظة التي يكشف فيها أبو ذر عالما جديدا بأسره يتمثل في الرسول الذي آمن به وفي الدعوة التي سمع بتباشيرها على لسانه أفي هذه اللحظة يراد له أن يرجع إلى أهله صامتا؟ هذا أمر فوق طاقته..
هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته:[أشهد أن لا اله إلا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله].
..كانت هذه الصيحة أول صيحة بالإسلام تحدّت كبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل غريب ليس له في مكّة حسب ولا نسب ولا حمى..ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه.. فقد أحاط به المشركون وضربوه حتى صرعوه..وترامى النبأ إلى العباس عم النبي, فجاء يسعى, وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم إلا بالحيلة الذكية, قال له:"يا معشر قريش, أنتم تجار, وطريقكم على غفار,, وهذا رجل من رجالها, إن يحرّض قومه عليكم, يقطعوا على قوافلكم الطريق".. 
فثابوا إلى رشدهم وتركوه ولكن أبا ذر قد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد وهكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين ( أساف و نائلة ) ودعوانهما, حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا فتصرخ المرأتان ويهرول الرجال كالجراد, ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه
وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه" يشهد أن لا اله إلا الله  وأن محمدا رسول الله". 
ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة  تلميذه الجديد الوافد, وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل. بيد أن وقته لم يأت بعد, فيعيد عليه أمره بالعودة إلى قومه, حتى إذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه..ويعود أبو ذر إلى عشيرته وقومه, فيحدثهم عن النبي الذي ظهر يدعو إلى عبادة الله وحده ويهدي لمكارم الأخلاق, ويدخل قومه في الإسلام, واحدا اثر واحد.. ولا يكتفي بقبيلته غفار, بل ينتقل إلى قبيلة أسلم فيوقد فيها مصابيحه..
وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمن, ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة, ويستقر بها والمسلمون معه.وذات يوم تستقبل مشارفها صفوفا طويلة من المشاة والركبان, أثارت أقدامهم النقع.. ولولا تكبيراتهم الصادعة, لحبسهم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك..اقترب الموكب اللجب.. ودخل المدينة.. ويمم وجهه شطر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه..لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم, جاء بهما أبو ذر مسلمين جميعا رجإلا ونساء. شيوخا وشبابا, وأطفالا..وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودهشة..فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن إسلامه وإيمانه, وقال معبّرا عن دهشته:"إن الله يهدي من يشاء"..!!أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعها تجيئه مسلمة. وقد قطعت في الإسلام بضع سنين منذ هداها الله على يد أبي ذر, وتجيء معها قبيلة أسلم..إن عمالقة السطور وحلفاء الشيطان, قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق.أليس الله يهدي من يشاء حقا..؟؟
لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوههم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا..ونظر إلى قبيلة غفار وقال:"غفار غفر الله لها".
ثم إلى قبيلة أسلم فقال:"وأسلم سالمها الله"..وأبو ذر هذا الداعية الرائع.. القوي الشكيمة, العزيز المنال.. إلا يختصه الرسول عليه الصلاة والسلام بتحية..؟؟أجل.. ولسوف يكون جزاؤه موفورا, وتحيته مباركة..ولسوف يحمل صدره, ويحمل تاريخه, أرفع الأوسمة وأكثرها جلالا وعزة..ولسوف تفنى القرون والأجيال, والناس يرددون رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي ذر:
" ما أقلّت الغبراء, ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر"
وألقى الرسـول صلى الله عليه وسلم يوما هذا السـؤال:
" يا أبا ذر كيف أنت إذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء"..؟
فأجاب قائلا:"إذن والذي بعثك بالحق, لأضربن بسيفي".
فقال له الرسول : "أفلا أدلك على خير من ذلك..؟اصبر حتى تلقاني".
ترى لماذا سأله الرسول هذا السؤال بالذات..؟؟الأمراء .. والمال..؟؟تلك قضية أبي ذر التي سيهبها حياته, وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل..ولقد عرفها رسول الله فألقى عليه السؤال, ليزوده هذه النصيحة الثمينة:"اصبر حتى تلقاني"..
لقد طال عهد أمير المؤمنين عمر, فارضا على ولاة المسلمين وأمرائهم وأغنيائهم في كل مكان من الأرض, زهدا وتقشفا, ودعا يكاد يكون فوق طاقة البشر..إن واليا من ولاته في العراق, أو في الشام, أو في صنعاء.. أو في أي من البلاد النائية البعيدة, لا يكاد يصل إليها نوعا من الحلوى, لا يجد عامة الناس قدرة على شرائه, حتى يكون الخبر قد وصل إلى عمر بعد أيام. وحتى تكون أوامره الصارمة قد ذهبت لتستدعي ذلك الوالي إلى المدينة ليلقى حسابه العسير..

فى وقت ما لم يعد الإنس يبصرونه قادما إلا استقبلوه بهذه الكلمات:" بشّر الكانزين بمكاو من نار"..لقد صارت هذه العبارة علما على رسالته التي نذر حياته لها, حين رأى الثروات تتركز وتحتكر.. وحين رأى السلطة استعلاء واستغلال.. وحين رأى حب الدنيا يطغى ويوشك أن يطمر كل ما صنعته سنوات الرسالة العظمى من جمال وورع, وتفان وإخلاص..
لقد بدأ بأكثر تلك المعاقل سيطرة ورهبة.. هناك في الشام حيث "معاوية بن أبي سفيان" يحكم أرضا من أكثر بلاد الإسلام خصوبة وخيرا وفيضا, وانه ليعطي الأموال ويوزعها بغير حساب, يتألف بها الناس الذين لهم حظ ومكانة, ويؤمن بها مستقبله الذي كان يرنو إليه طموحه البعيد.هناك الضياع والقصور والثروات تفتن الباقية من حملة الدعوة, فليدرك أبو ذر الخطر قبل أن يحيق ويدمّر..وحسر زعيم المعارضة رداءه المتواضع عن ساقيه, وسابق الريح إلى الشام..ولم يكد الناس العاديون يسمعون بمقدمه حتى استقبلوه في حماسة وشوق, والتفوا حوله أينما ذهب وسار..حدثنا يا أبا ذر..حدثنا يا صاحب رسول الله..ويلقي أبو ذر على الجموع حوله نظرات فاحصة, فيرى أكثرها ذوي خصاصة وفقر.. ثم يرنو ببصره نحو المشارف القريبة فيرى  القصور والضياع..ثم يصرخ في الحافين حوله قائلا:
" عجبت لمن لا يجد القوت في بيته, كيف لا يخرج على الإنس شاهرا سيفه"..
ثم يذكر من فوره وصية رسول الله أن يضع الأناة مكان الانقلاب, والكلمة الشجاعة مكان السيف.. فيترك لغة الحرب هذه ويعود  إلى لغة المنطق والاقتناع, فيعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط.. وأنهم جميعا شركاء في الرزق.. وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.. وأن أمير القوم ووليهم, هو أول من يجوع إذا جاعوا, وآخر من شبع إذا شبعوا..لقد قرر أن يخلق بكلماته وشجاعته رأيا عامّا من كل بلاد الإسلام يكون له من الفطنة والمناعة, والقوة ما يجعله شكيمة لأمرائه وأغنيائه, وما يحول دون ظهور طبقات مستغلة للحكم, أو محتكرة للثروة.وفي أيام قلائل, كانت الشام كلها كخلايا نحل وجدت ملكتها المطاعة.. ولو أعطى أبو ذر إشارة عابرة بالثورة لاشتعلت نارا..
ولكنه كما قلنا, حصر اهتمامه في خلق رأي عام يفرض احترامه, وصارت كلماته حديث المجالس والمساجد والطريق.ولقد بلغ خطره على الامتيازات الناشئة مداه, يوم ناظر معاوية على ملأ من الناس. ثم أبلغ الشاهد للمناظرة, الغائب عنها. وسارت الرياح بأخبارها..
ولقد وقف أبو ذر أصدق العالمين لهجة, كما وصفه نبيه وأستاذه..وقف يسائل معاوية في غير خوف ولا مداراة عن ثروته قبل أن يصبح حاكما, وعن ثروته اليوم وعن البيت الذي كان يسكنه بمكة, وعن قصوره بالشام اليوم..!!ثم يوجه السؤال للجالسين حوله من الصحابة الذين صحبوا معاوية إلى الشام وصار لبعضهم قصور وضياع.ثم يصيح فيهم جميعا: أفأنتم الذين نزل القرآن على الرسول وهو بين ظهرانيهم..؟؟
ويتولى الإجابة عنهم: نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن, وشهدتم مع الرسول المشاهد..
ثم يعود ويسأل: ألا تجدون في كتاب الله هذه الآية:(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) )..؟؟ (التوبة )
ويختلان معاوية طريق الحديث قائلا: لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب..
ويصيح أبو ذر: لا بل أنزلت لنا ولهم.. ويتابع أبو ذر القول ناصحا معاوية ومن معه أن يخرجوا كل ما بأيديهم من ضياع وقصور وأموال.. وألا يدّخر أحدهم لنفسه أكثر من حاجات يومه..وتتناقل المحافل والجموع نبأ هذه المناظرة وأنباء أبي ذر..ويتعالى نشيد أبي ذر في البيوت والطرقات:(بشّر الكانزين بمكاو من نار يوم القيامة)..
ويستشعر معاوية الخطر, ولكنه يعرف له قدره, فلا يقربه بسوء, ويكتب عن فوره للخليفة عثمان رضي الله عنه يقول له:" إن أبا ذر قد أفسد الإنس بالشام"..
ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه للمدينة.ويحسر أبي ذر طرف ردائه عن ساقيه مرّة أخرى ويسافر إلى المدينة تاركا الشام في يوم لم تشهد دمشق مثله يوما من أيام الحفاوة والوداع .. (لا حاجة لي في دنياكم)... 
هكذا قال أبو ذر للخليفة عثمان بعد أن وصل إلى المدينة, وجرى بينهما حوار طويل.لقد خرج عثمان من حواره مع صاحبه, ومن الأنباء التي توافدت عليه من كل الأقطار عن مشايعة الجماهير لآراء أبي ذر, بادراك صحيح لخطر دعوته وقوتها, وقرر أن يحتفظ به إلى جواره في المدينة, محددا بها إقامته.ولقد عرض عثمان قراره على أبي ذر عرضا رفيقا, رقيقا, فقال له: " ابق هنا بجانبي, تغدو عليك القاح وتروح"..
وأجابه أبو ذر: (لا حاجة لي في دنياكم) أجل لا حاجة له في دنيا الناس.. انه من أولئك القديسين الذين يبحثون عن ثراء الروح, ويحيون الحياة ليعطوا لا ليأخذوا..
ولقد طلب من الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يأذن له الخروج إلى الرّبذة فأذن له..ولقد ظل وهو في احتدام معارضته أمينا لله ورسوله, حافظا في أعماق روحه النصيحة التي وجهها إليه الرسول عليه الصلاة والسلام ألا يحمل السيف.. لكأن الرسول رأى الغيب كله.. غيب أبي ذر ومستقبله, فأهدى إليه هذه النصيحة الغالية.ومن ثم لم يكن أبو ذر ليخفي انزعاجه حين يرى بعض المولعين بإيقاد الفتنة يتخذون من دعوته سببا لإشباع ولعهم وكيدهم.جاءه يوما وهو في الرّبدة وفد من الكوفة يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد الخليفة, فزجرهم بكلمات حاسمة:
" والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة, أ جبل, لسمعت, وأطعت, وصبرت واحتسبت, ورأيت ذلك خيرا لي..ولوسيّرني ما بين الأفق إلى الأفق , لسمعت وأطعت, وصبرت واحتسبت, ورأيت ذلك خيرا لي ولو ردّني إلى منزلي, لسمعت وأطعت, وصبرت واحتسبت, ورأيت ذلك خيرا لي".
.ذلك رجل لا يريد غرضا من أغراض الدنيا, ومن ثم أفاء الله عليه نور البصيرة.. ومن ثم مرة أخرى أدرك ما تنطوي عليه الفتنة المسلحة من وبال وخطر فتحاشاها.. كما أدرك ما ينطوي عليه الصمت من وبال وخطر, فتحاشاه أيضا, ورفع صوته لا سيفه بكلمة الحق ولهجة الصدق, لا أطماع تغريه.. ولا عواقب تثنيه..!لقد تفرّغ أبو ذر للمعارضة الأمينة وتبتّل.وسيقضي عمره كله يحدّق في أخطاء الحكم وأخطاء المال, فالحكم والمال يملكان من الإغراء والفتنة ما يخافه أبو ذر على إخوانه الذين حملوا راية الإسلام مع رسولهم صلى الله عليه وسلم, والذين يجب أن يظلوا لها حاملين.والحكم والمال أيضا, هما عصب الحياة للأمة والجماعات, فإذا اعتورهما الضلال تعرضت مصاير الناس للخطر الأكيد.ولقد كان أبو ذر يتمنى لأصحاب الرسول إلا يلي أحد منهم إمارة أو يجمع ثروة, وأن يظلوا كما كانوا روّاد للهدى, وعبّادا لله..وقد كان يعرف ضراوة الدنيا وضراوة المال
كان أبو ذر الغفاري يدرك أن أبا بكر وعمر لن يتكررا.. ولطالما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من إغراء الإمارة ويقول عنها:".. إنها أمانة, وإنها يوم القيامة خزي وندامة.. إلا من أخذها بحقها, وأدّى الذي عليه فيها"...
ولقد بلغ الأمر بأبي ذر ليتجنّب إخوانه إن لم يكن مقاطعتهم,لأنهم ولوا الإمارات, وصار لهم بطبيعة الحال ثراء وفرة..لقيه أبو موسى الأشعري يوما, فلم يكد يراه حتى فتح له ذراعيه وهو يصيح من الفرح بلقائه:" مرحبا أبا ذر.. مرحبا بأخي". 
ولكن أبا ذر دفعه عنه وهو يقول:" لست بأخيك, إنما كنت أخاك قبل أن تكون واليا وأميرا"
كذلك لقيه أبو هريرة يوما واحتضنه مرحّبا, ولكن أبا ذر نحّاه عنه بيده وقال له:
(اليك عني ألست الذي وليت الإمارة فتطاولت في البنيان واتخذت لك ماشية وزرعا)
ومضى أبو هريرة يدافع عن نفسه ويبرئها من تلك الشائعات..وقد يبدو أبو ذر مبالغا في موقفه من الحكم والثروة..ولكن لأبي ذر منطقه الذي يشكله صدقه مع نفسه, ومع إيمانه, فأبو ذر  يقف بأحلامه وأعماله.. بسلوكه ورؤاه, عند المستوى الذي خلفه لهم رسول الله وصاحباه.. أبو بكر وعمر..وإذا كان البعض يرى في ذلك المستوى مثالية لا يدرك شأوها, فان أبا ذر يراها قدوة ترسم طريق الحياة والعمل, ولا سيما لأولئك الرجال الذين عاصروا الرسول عليه السلام, وصلوا وراءه, وجاهدوا معه, وبايعوه على السمع والطاعة.كما أنه يدرك بوعيه المضيء, ما للحكم وما للثروة من أثر حاسم في مصاير الناس, ومن ثم فان أي خلل يصيب أمانة الحكم, أو عدالة الثروة, يشكل خطرا يجب دحضه ومعارضته.ولقد عاش أبو ذر ما استطاع حاملا لواء القدوة العظمى للرسول عليه السلام وصاحبيه, أمينا عليها, حارسا لها.
وكان أستاذ في فن التفوق على مغريات الإمارة والثروة,...عرضت عليه الإمارة بالعراق فقال:" لا والله.. لن تميلوا عليّ بدنياكم أبدا"..
ورآه صاحبه يوما يلبس جلبابا قديما فسأله:أليس لك ثوب غير هذا؟.. لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين..؟
فأجابه أبو ذر: " يا بن أخي.. لقد أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني"..
قال له: والله انك لمحتاج إليهما.
فأجاب أب ذر: "اللهم اغفر.. انك لمعظّم للدنيا, ألست ترى عليّ هذه البردة..؟؟ ولي أخرى لصلاة الجمعة, ولي عنزة أحلبها, وأتان أركبها, فأي نعمة أفضل ما نحن فيه".
وجلس يوما يحدّث ويقول:[أوصاني خليلي بسبع..أمرني بحب المساكين والدنو منهم..وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني, ولا أنظر إلى من هو فوقي..وأمرني إلا أسأل أحد شيئا..وأمرني أن أصل الرحم..وأمرني أن أقول الحق وان كان مرّا..وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم..وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله].
ولقد عاش هذه الوصية, وصاغ حياته وفقها, حتى صار "ضميرا" بين قومه وأمته..ويقول الإمام علي رضي الله عنه:"لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر".
عاش يناهض استغلال الحكم, واحتكار الثروة..عاش يدحض الخطأ, ويبني الصواب..عاش متبتلا لمسؤولية النصح والتحذير..يمنعونه من الفتوى, فيزداد صوته بها ارتفاعا, ويقول لمانعيه:" والذي نفسي بيده, لو وضعتم السيف فوق عنقي, ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها".
ويا ليت المسلمين استمعوا يومئذ لقوله ونصحه..إذن لما ماتت في مهدها تلك الفتن التي تفقم فيما بعد أمرها واستفحل خطرها, وعرّضت المجتمع والإسلام لأخطار, ما كان أقساها من أخطار.
والآن يعالج أبو ذر سكرات الموت في الربذة.. المكان الذي اختار الإقامة فيه اثر خلافه مع عثمان رضي الله عنه, فتعالوا بنا إليه نؤد للراحل العظيم تحية الوداع, ونبصر في حياته الباهرة مشهد الختام.ان هذه السيدة السمراء الضامرة, الجالسة إلى جواره تبكي, هي زوجته..وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق..؟
فتجيبه بأنها تبكي: " لأنك تموت, وليس عندي ثوب يسعك كفنا".
فيرد :لا تبكي, فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض, تشهده عصابة من المؤمنين..وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية, ولم يبق منهم غيري .. وهاأنذا بالفلاة أموت, فراقبي الطريق,, فستطلع علينا عصابة من المؤمنين, فاني والله ما كذبت ولا كذبت".
وفاضت روحه إلى الله..ولقد صدق..فهذه القافلة التي تغذ السير في الصحراء, تؤلف جماعة من المؤمنين, وعلى رأسهم عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله.وان ابن مسعود ليبصر المشهد قبل أن يبلغه.. مشهد جسد ممتد يبدو كأنه جثمان ميّت, وإلى جواره سيدة وغلام يبكيان..ويلوي زمام دابته والركب معه صوب المشهد, ولا يكاد يلقي نظرة على الجثمان, حتى تقع عيناه على وجه صاحبه وأخيه في الله والإسلام أبي ذر.وتفيض عيناه بالدمع, ويقف على جثمانه الطاهر يقول:" صدق رسول الله.. نمشي وحدك, وتموت وحدك, وتبعث وحدك".
ويجلس ابن مسعود رضي الله عنه لصحبه  تفسير تلك العبارة التي نعاه بها:" تمشي وحدك.. وتموت حدك.. وتبعث وحدك"...كان ذلك في غزوة تبوك.. سنة تسع من الهجرة, وقد أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ لملاقاة الروم, الذين شرعوا يكيدون للإسلام ويأتمرون به.وكانت الأيام التي دعى فيها الناس للجهاد أيام عسر وقيظ..وكانت الشقة بعيدة.. والعدو مخيفا..ولقد تقاعس عن الخروج نفر من المسلمين, تعللوا بشتى المعاذير..وخرج الرسول وصحبه.. وكلما أمعنوا في السير ازدادوا جهدا ومشقة, فجعل الرجل يتخلف, ويقولون يا رسول الله تخلف فلان, فيقول:" دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.. وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه"..!!وتلفت القوم ذات مرة, فلم يجدوا أبا ذر.. وقالوا للرسول عليه الصلاة والسلام:لقد تخلف أبو ذر, وأبطأ به بعيره..وأعاد الرسول مقالته الأولى..كان بعير أبي ذر قد ضعف تحت وطأة الجوع والظمأ والحر وتعثرت من الإعياء خطاه..وحاول أبو ذر أن يدفعه للسير الحثيث بكل حيلة وجهد, ولكن الإعياء كان يلقي ثقله على البعير..ورأى أبو ذر أنه بهذا سيتخلف عن المسلمين وينقطع دونهم الأثر, فنزل من فوق ظهر البعير, وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه, مهرولا, وسط صحراء ملتهبة, كما يدرك رسوله عليه السلام وصحبه..وفي الغداة, وقد وضع المسلمون رحالهم ليستريحوا, بصر أحدهم فرأى سحابة من النقع والغبار تخفي وراءها شبح رجل يغذ السير..وقال الذي رأى: يا رسول الله, هذا رجل يمشي على الطريق وحده..وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (كن أبا ذر)..وعادوا لما كانوا فيه من حديث, ريثما يقطع القادم المسافة التي تفصله عنهم, وعندها يعرفون من هو..وأخذ المسافر الجليل يقترب منهم رويدا.. يقتلع خطاه من الرمل المتلظي اقتلاعا, وحمله فوق ظهره بتؤدة.. ولكنه مغتبط فرحان لأنه أردك القافلة المباركة, ولم يتخلف عن رسول الله  وإخوانه المجاهدين..وحين بلغ أول القافلة, صاح صائهحم: يارسول الله: انه والله أبا ذر..وسار أبو ذر صوب الرسول.ولم يكد صلى الله عليه وسلم يراه حتى تألقت على وجهه ابتسامة حانية واسية, وقال:[يرحم الله أبا ذر..يمشي وحده..ويموت وحده..ويبعث وحده...
وبعد مضي عشرين عاما على هذا اليوم أو تزيد, مات أبو ذر وحيدا, في فلاة الربذة.. بعد أن سار حياته كلها وحيدا على طريق لم يتألق فوقه سواه.. ولقد بعث في التاريخ وحيدا في عظمة زهده, وبطولة صموده..ولسوف يبعث عند الله وحيدا كذلك؛ لأن زحام فضائله المتعددة, لن يترك بجانبه مكانا لأحد سواه..!!!


إستمتع و تابع أيضا :                         
عثمان نوري باشا
العيناء المرضية ( أنا زوجتك في الجنة )


كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته


الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

معركة أليس معركة نهر الدم الصراع الدامي بين المسلمين والفرس والقبائل المتنصرة

معركة أليس ( معركة نهر الدم )

الصراع الدامي بين المسلمين والفرس والقبائل المتنصرة

وهى من أكثر المعارك جدلا في التاريخ الإسلامي 25 صفر 12هـ

اكتشف تفاصيل معركة أليس (نهر الدم) إحدى أشرس المعارك في التاريخ الإسلامي، حين انتصر خالد بن الوليد على الفرس وحلفائهم من القبائل المتنصرة وجعل النهر يجري بدماء الأعداء. تعرف على أحداثها وتأثيرها الكبير

معركة أليس ، معركة نهر الدم

خلفية المعركة: الصراع بين المسلمين والفرس
كانت الصدمة الشديدة والصفعة القوية التي نالتها القبائل العربية المتنصرة والمتحالفة مع الفرس ذات أثر شديد وبالغ على نفوس وقلوب زعماء هذه القبائل وخاصة بعد مقتل زهرة شبابهم في معركة الولجة بسيوف المسلمين .
في معركة نهر الدم إجتمعت أعداد ضخمة من هذه القبائل عند منطقة «أليس» وطلبت مساعدة الفرس في حربهم ضد المسلمين، فأمر كسرى قائده «بهمن جاذويه» بالانضمام للعرب النصارى في القتال .
ثم غير كسرى رأيه واستدعى بهمن جاذويه للمدائن وأصبحت الجيوش الفارسية تحت إمرة قائد آخر هو «جابان» وكان رجلاً محنكًا ولكنه ضعيف الشخصية .
كان الجيش المجوصليبي كبير العدد جدًا يفوق المائة والخمسين ألفًا ، مما جعل الغرور يملأ القلوب والنفوس في حين أن جيش المسلمين ثمانية عشر ألفًا .
من شدة الثقة المفرطة من النصر جلس العرب المتنصرة لتناول طعام الغداء غير عابئين باقتراب جيش المسلمين منهم، وبالفعل وصل المسلمون لأرض المعركة فوجد الأعداء على موائد الطعام، فأمر القائد الفارسي «جابان» بالتهيؤ لقتال المسلمين .
لكن الغرور والكبر منعهم من الاستماع لصوت العقل وظنوا أنهم لا يغلبون واستمروا في تناول الطعام، فعاد «جابان» وقال لهم:
ضعوا السم في الطعام ، فإن دارت الدائرة عليهم وغنم المسلمون الطعام وأكلوه ماتوا من السم " .
ذلك رأي لا يصدر إلا من رجل داهية ، ولكنهم خالفوه أيضًا وبخلوا حتى بطعامهم .
هنا في معركة نهر الدم أدرك خالد بن الوليد أن الغرور والكبر يملأ صدور العدو، فأمر المسلمين بالهجوم فورًا وبكل قوة وعنف على هؤلاء المغرورين، واشتعل القتال وأخذ ينتقل من طور لآخر ، ومن حال إلى آخر أشد منه ، بسبب الحقد الصليبي عند العرب الموتورين بقتلاهم في «الولجة» ، وصبر الفرس أيضًا في القتال على أمل وصول الإمدادات من كسرى .
لقي المسلمون حربًا عنيفة لدرجة أن القائد خالد بن الوليد دعا ربه عز وجل ونذر له فقال: «اللهم إن لك عليَّ إن منحتنا أكتافهم ألا أستبقي منهم أحدًا قدرنا عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم».
ظل القتال يشتد وأخذت حمية المسلمين في الازدياد وخاصة مسلمي قبيلة «بكر بن وائل» الذين كانوا أشد الناس على نصارى قبيلتهم ، وأخذت بوادر النصر تلوح لصالح المسلمين وأخذ الفرس في الفرار من أرض القتال .
في نهاية معركة أليس - نهر الدم - انتصر المسلمون انتصارًا باهرًا وأسروا سبعين ألفًا ، فأمر خالد بأخذهم جميعًا عند نهر «أليس» وسد عنه الماء ومكث يومًا وليلة يضرب أعناق الأسرى حتى يجري النهر بدمائهم وفاء بنذره لله عز وجل .
فقال له القعقاع بن عمرو : لو أنك قتلت أهل الأرض جميعًا لم تجر دماؤهم «لأن الدم سريع التجلط»، فأرسل الماء على الدماء يجري النهر بدمائهم ، ففعل خالد ذلك وسمى النهر من يومها نهر الدم .
وكانت هذه العقوبة الجزاء المناسب لغدر وخيانة القبائل العربية الموالية للفرس، فلقد دخلوا حربًا لم يكن لهم أن يدخلوها إلا بسبب عداوتهم وكرههم للإسلام ولهذا سميت هذه المعركة بإسم معركة نهر الدم .
اكتشف تفاصيل معركة أليس (نهر الدم) إحدى أشرس المعارك في التاريخ الإسلامي، حيث انتصر خالد بن الوليد على الفرس وحلفائهم من القبائل المتنصرة وجعل النهر يجري بدماء الأعداء. تعرف على أحداثها وتأثيرها الكبير

عندما وصلت أخبار معركة نهر الدم بالنصر للخليفة أبي بكر الصديق قال كلمته الشهيرة: «يا معشر قريش عدا أسدكم ـ يعني خالد بن الوليد ـ على الأسد ـ يعني كسرى الفرس ـ فغلبه على خراذيله ـ أي على فريسته ـ عجزت النساء أن ينشئن مثل خالد».
وعن ما ذكره ابن كثير رحمه الله في كتابه "البداية والنهاية" عن معركه أليس :
"ثم كانت وقعة أليس في صفر أيضا ، وذلك أن خالدا كان قد قتل يوم الولجة طائفة من بكر بن وائل ، من نصارى العرب ممن كان مع الفرس ، فاجتمع عشائرهم ، وأشدهم حنقا عبد الأسود العجلي ، وكان قد قتل له ابن بالأمس ، فكاتبوا الأعاجم فأرسل إليهم أردشير جيشا مددا ، فاجتمعوا بمكان يقال له : أليس . 
فبينما هم قد نصبوا لهم سماطا فيه طعام يريدون أكله ، إذ غافلهم خالد بجيشه ، فلما رأوه أشار من أشار منهم بأكل الطعام وعدم الاعتناء بخالد ، وقال أمير كسرى ، واسمه جابان : بل ننهض إليه . فلم يسمعوا منه . 
فلما نزل خالد تقدم بين يدي جيشه ونادى بأعلى صوته لشجعان من هنالك من الأعراب : أين فلان ، أين فلان ؟ فكلهم نكلوا عنه إلا رجلا يقال له : مالك بن قيس ، من بني جذرة ، فإنه برز إليه ، فقال له خالد : يا ابن الخبيثة ، ما جرأك علي من بينهم وليس فيك وفاء ؟ ! فضربه فقتله . 
ونفرت الأعاجم عن الطعام ، وقاموا إلى السلاح ، فاقتتلوا قتالا شديدا جدا ، والمشركون يرقبون قدوم بهمن مددا من جهة الملك إليهم ، فهم في قوة وشدة وكلب في القتال .
وصبر المسلمون صبرا بليغا ، وقال خالد : اللهم لك علي إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم . 
ثم إن الله ، عز وجل ، منح المسلمين أكتافهم ، فنادى منادي خالد : الأسر ، الأسر ، لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر . 
فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون سوقا ، وقد وكل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر ، ففعل ذلك بهم خالد يوما وليلة ، ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد ، وكلما حضر منهم أحد ضربت عنقه في النهر ، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر .
فقال له بعض الأمراء : إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه ، فتبر يمينك .
فأرسله فسال النهر دما غزيرا ، فلذلك سمي نهر الدم ، إلى اليوم ، فدارت الطواحين بذلك الماء المختلط بالدم ما كفى العسكر بكماله ثلاثة أيام ، وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا .
ولما هزم خالد الجيش ورجع من رجع من الناس ، عدل خالد إلى الطعام الذي كانوا قد وضعوه ليأكلوه ، فقال للمسلمين : هذا نفل فانزلوا فكلوا . 
فنزل الناس فأكلوا عشاء ، وقد جعل الأعاجم على طعامهم جردقا كثيرا ، فجعل من يراه من أهل البادية من الأعراب يقولون : ما هذه الرقع ؟ يحسبونها ثيابا .
فيقول لهم من يعرف ذلك من أهل الأرياف والمدن : أما سمعتم برقيق العيش ؟ قالوا : بلى . قالوا : فهذا رقيق العيش ، فسموه يومئذ رقاقا ، وإنما كانت العرب تسميه القرن .
وقد قال سيف بن عمر عن عمرو بن محمد ، عن الشعبي ، عمن حدث عن خالد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الناس يوم خيبر الخبز والطبيخ والشواء وما أكلوا غير ذلك ، غير متأثليه .
وكان كل من قتل بهذه الوقعة يوم أليس نهر الدم  من بلدة يقال لها : أمغيشيا . 
فعدل إليها خالد وأمر بخرابها ، واستولى على ما بها ، فوجدوا فيها مغنما عظيما ، فقسم بين الغانمين فأصاب الفارس بعد النفل ألفا وخمسمائة ، غير ما تهيأ له مما قبله . 
وبعث خالد إلى الصديق بالبشارة والفتح والخمس من الأموال والسبي مع رجل يقال له : جندل . من بني عجل ، وكان دليلا صارما .
فلما بلغ الصديق الرسالة ، وأدى الأمانة ، أثنى عليه وأجازه جارية من السبي ، وقال الصديق : يا معشر قريش ، إن أسدكم قد عدا على الأسد ، فغلبه على خراذيله ، عجزت النساء أن تلدن مثل خالد بن الوليد . 
ثم جرت أمور طويلة لخالد في أماكن متعددة ، وهو مع ذلك لا يكل ولا يمل ولا يهن ولا يحزن ، بل كل ما له في قوة وصرامة وشدة وشهامة ، ومثل هذا إنما خلقه الله ، عز وجل ، عزا للإسلام وأهله ، وذلا للكفر وشتات شمله .
فى النهاية نقول : إن معركة نهر الدم من المعارك الفاصلة التي قادها سيف الله المسلول خالد بن الوليد ، فجعل النهر يجري بدماء الفرس والعرب المتنصرة ، فكانت موقعة مزلزلة ، وظلت لفترة طويلة علامة ألم ، فكانت معركة أليس نهر الدم من ضمن المعارك التي مهدت لنهاية الفرس .
المصدر : البداية والنهاية "لابن كثير" ص: 520 - ص: 521 - ص: 522

إستمتع و تابع أيضا :                
كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته

السبت، 12 نوفمبر 2016

البطل المسلم صاحب البشارة

منذ عهد معاوية بن أبى سفيان قام الكثيرون بمحاولات فتح القسطينية ليكون صاحب البشارة النبوية التي بشر بها النبي – صلى الله عليه وسلم- بقوله :
" لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش"
فمن هو صاحب تلك البشارة ؟...إنه "محمد الفاتح" ابن السلطان العثماني "مراد الثاني"...
طفولة "محمد الفاتح" .. والإعداد الجيد :
ولد "محمد" ابن السلطان "مراد الثاني" في (27من رجب 835 ﻫ = 30 من مارس 1432م)
ونشأ تحت رعاية أبيه السلطان "مراد الثاني" سابع سلاطين الدولة العثمانيةالذي عمل على تعليمه وإعداده ليكون جديرًا بمنصب السلطان ، والقيام بمسئوليته ، فأتم "محمد الفاتح" حفظ القرآن ، وقرأ الحديث النبوي ، وتعلم الفقه الإسلامي . 
ودرس "محمد الفاتح"  الرياضيات والفلك وفنون الحرب والقتال ، وإلى جانب ذلك تعلم اللغات العربية والفارسية واللاتينية واليونانية ، وخرج مع أبيه في معاركه وفتوحاته .
ثم ولاه أبوه إمارة صغيرة ؛ ليتدرب على إدارة شئون الدولة تحت إشراف عدد من كبار علماء عصره ، وهو ما أثر في تكوين شخصية الأمير الصغير ، وبناء تفكيره بناءً إسلاميًّا صحيحًا .
وقد نجح الشيخ "آق شمس الدين "- وكان واحدًا ممن قام على تربية "محمد الفاتح" وتعليمه – في بث روح الجهاد والتطلع إلى معالي الأمور في نفس الأمير الصغير، وأن يلمح له بأنه المقصود ببشارة النبي – صلى الله عليه وسلم- .. وكان لهذا الإيحاء دور كبير في حياة "محمد الفاتح" فنشأ محبًّا للجهاد ، عالي الهمة والطموح ، واسع الثقافة ، وعلى معرفة هائلة بفنون الحرب والقتال .
توليه الحكم .. والعمل على تحقيق البشارة :
 وبعد وفاة أبيه السلطان "مراد الثاني" في (5 من المحرم 852 ﻫ = 7 من فبراير 145 م) تولى "محمد الفاتح" عرش الدولة العثمانية ، وكان شابًّا فتيًّا في العشرين من عمره ، ممتلأ حماسًا وطموحًا ، يفكر في فتح مدينة "القسطنطينية" عاصمة الدولة البيزنطية .. وسيطر هذا الحلم على مشاعر "محمد الفاتح" ، فأصبح لا يتحدث إلا في أمر الفتح ، ولا يأذن لأحد ممن يجلس معه أن يتحدث في موضوع غير هذا الموضوع .
وكانت الخطوة الأولى في تحقيق هذا الحلم هو السيطرة على مضيق "البسفور" حتى يمنع "القسطنطينية" من وصول أية مساعدات لها من أوروبا ، فبنى قلعة كبيرة على الشاطئ الأوروبي من مضيق "البسفور" ، واشترك هو بنفسه مع كبار رجال الدولة في أعمال البناء ، ولم تمض ثلاثة أشهر حتى تم بناء القلعة التي عرفت بقلعة "الروم" ، وفى مواجهتها على الضفة الأخرى من "البسفور" كانت تقف قلعة "الأناضول" ، ولم يعد ممكنًا لأي سفينة أن تمر دون إذن من القوات العثمانية .
وفى أثناء ذلك نجح مهندس نابغة أن يصنع للسلطان "محمد الفاتح" عددًا من المدافع ، من بينها مدفع ضخم عملاق لم يُرَ مثله من قبل ، كان يزن (700) طن، وتزن القذيفة الواحدة (1500) كيلو جرام، وتسمع طلقاته من مسافات بعيدة ، ويجره مائة ثور يساعدها مائة من الرجال الأشداء وأطلق على هذا المدفع العملاق اسم المدفع السلطاني .
فتح "القسطنطينية" .. وتحقق البشارة :
وبعد أن أتم السلطان "محمد" استعداداته زحف بجيشه البالغ (265) ألف مقاتل من المشاة الفرسان ومعهم المدافع الضخمة حتى فرض حصاره حول "القسطنطينية" ، وبدأت المدافع العثمانية تطلق قذائفها على أسوار المدينة الحصينة دون انقطاع ليلاً أو نهارًا ، وكان السلطان يفاجئ عدوه من وقت لآخر بخطة جديدة في فنون القتال حتى تحطمت أعصاب المدافعين عن المدينة وانهارت قواهم .
وفى فجر يوم الثلاثاء الموافق (20من جمادى الأولى 827 ﻫ = 29 من مايو 1453 م) نجحت القوات العثمانية في اقتحام الأسوار ، وزحزحة المدافعين عنها بعد أن عجزوا عن الثبات ، واضطروا للهرب والفرار ، وفوجئ أهالي "القسطنطينية" بأعلام العثمانيين ترفرف على الأسوار ، وبالجنود تتدفق إلى داخل المدينة كالسيل المتدفق .
وبعد أن أتمت القوت العثمانية فتح المدينة دخل السلطان "محمد"- الذي أطلق عليه من هذه اللحظة "محمد الفاتح" – على ظهر جواده في موكب عظيم وخلفه وزراؤه وقادة جيشه وسط هتافات الجنود التي تملأ المكان :
"ما شاء الله ، ما شاء الله ، يحيا سلطاننا ، يحيا سلطاننا "
ومضى موكب السلطان حتى بلغ كنيسة "آيا صوفيا" حيث تجمع أهالي المدينة ، وما إن علموا بوصول السلطان "محمد الفاتح" حتى خرُّوا ساجدين وراكعين ، ترتفع أصواتهم بالبكاء والصراخ لا يعرفون مصيرهم وماذا سيفعل معهم السلطان "محمد الفاتح" .
ولما وصل السلطان نزل عن فرسه ، وصلى ركعتين شكراً لله على توفيقه له بالفتح ، ثم توجه إلى أهالي المدينة ، وكانوا لا يزالون على هيئتهم وقال لهم :
قفوا ... استقيموا .. فأنا السلطان "محمد" أقول لكم ولجميع إخوانكم ولكل الموجودين إنكم منذ اليوم في أمان على حياتكم وحرياتكم 
ثم أمر السلطان "محمد الفاتح" بتحويل الكنيسة إلى مسجد ، وأذن فيه بالصلاة لأول مرة ، ولا يزال يعرف حتى الآن بجامع "آيا صوفيا" ، وقرر اتخاذ "القسطنطينية" عاصمة لدولته ، وأطلق عليها اسم "إسلام بول" آي دار الإسلام ، ثم حرفت بعد ذلك واشتهرت بإستانبول .
وسلك السلطان مع أهالي المدينة سلوكًا به رحمة وتسامح يتسم مع ما يأمرنا به الإسلام ، فأمر جنوده بحسن معاملة الأسرى والرفق بهم ، وقام بنفسه بفداء عدد كبير من الأسرى من ماله الخاص ، وسمح بعودة الذين غادروا المدينة في أثناء الحصار إلى منازلهم .
ما بعد فتح "القسطنطينية" :
حقق "محمد الفاتح" هذا الإنجاز الكبير وهو في الثالثة والعشرين من عمره ، وكان هذا دليلاً على نبوغه العسكري المبكر ، واستحق بذلك بشارة النبي – صلى الله عليه وسلم- لمن يفتح هذه المدينة العريقة .

وبعد هذا اتجه "محمد الفاتح" إلى استكمال فتوحاته في بلاد "البلقان" ، فتمكن من فتح بلاد "الصرب" و"المورة" و"رومانيا" و"ألبانيا" وبلاد "البوسنة والهرسك" ، ثم تطلعت أنظاره إلى أن يكون إمبراطورًا على "روما" وأن يجمع فخارًا جديدًا إلى جانب فتحه "القسطنطينية" .
ولكي يحقق هذا الأمل الكبير كان عليه أن يفتح "إيطاليا" ، فاستعد لذلك وجهز أسطولاً عظيمًا ، ونجح في إنزال قواته وأعداد كبيرة من مدافعه بالقرب من مدينة "أوترانت" الإيطالية ، وتمكن من الاستيلاء على قلعتها ، وذلك في (جمادى الأولى 885 ﻫ = يوليو 1480م) .
وعزم "محمد الفاتح" على أن يتخذ من مدينة "أوترانت" قاعدة يزحف منها شمالاً حتى يصل إلى "روما" ، وفزع العالم الأوروبي من هذه المحاولة ، وانتظر سقوط مدينة "روما" العريقة في يد "الفاتح" ، لكن الموت هاجمه فجأة وهو يستعد لتحقيق هذا الحلم في (4 من ربيع الأول 886 ه = 3 من مايو 1481م) ، وابتهجت أوروبا كلها بعد سماعها نبأ الوفاة ، وأمر بابا "روما" أن تقام صلاة الشكر في الكنائس ابتهاجًا بهذا النبأ .
"محمد الفاتح" .. رجل دولة وراعى حضارة :
اتسعت رقعة الدولة العثمانية في عهد "الفاتح" اتساعًا كبيرًا لم تشهده من قبل بفضل قيادته الحكيمة وسياسته الرشيدة .. ولم يكن ذلك كل إنجازات الفاتح ، فقد استطاع بمساعدة بعض رجاله الأوفياء من وضع دستور للدولة مستمد من كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والتزمت به الدولة العثمانية ما يقرب من أربعة قرون .
واستطاع على الرغم من انشغاله من إنشاء أكثر من (300) مسجد ، منها في العاصمة "إستانبول" وحدها (192) مسجدًا وجامعًا ، بالإضافة إلى (57) مدرسة ، ومن أشهر آثاره المعمارية مسجد "السلطان محمد" ، وجامع "أبى أيوب الأنصاري"، وقصر "سراي طوب قبو".
واشتهر "محمد الفاتح" بأنه كان محبًّا للأدب ، وكان شاعرًا مجيدًا يحب القراءة ويداوم عليها ، ويصاحب العلماء والشعراء ، ويولى بعضهم مناصب الوزارة ، وكان إذا سمع بعالم كبير في فن من الفنون قدم له العون والمساعدة ، أو يطلب منه أن يأتى إلى "إستانبول" للاستفادة من علمه .
شخصية "محمد الفاتح" :
كان "محمد الفاتح" مسلمًا ملتزمًا بأحكام الشريعة الإسلامية ، ورجلاً صالحًا بفضل نشأته التي أثرت فيه تأثيرًا عظيمًا ، أما سلوكه العسكري فكان سلوكًا متحضرًا لم تشهده أوروبا في عصورها الوسطى .
وقد حقق "الفاتح" أعظم إنجازاته بفتح مدينة "القسطنطينية" العريقة بفضل طموحه القوى الذي زرعه فيه أساتذته ، والإيحاء له بأنه البطل الذي ستفتح على يديه " القسطنطينية" .
وسعى "الفاتح " إلى تحقيق أحلامه بالسعي الجاد والعمل المستمر والتخطيط المنظم، فقبل أن يحاصر "القسطنطينية" استعد لذلك بصب المدافع وإنشاء الأساطيل والاستفادة من كل الإمكانيات التي تساعده في النصر .
بالطموح العالي ، والعزيمة والإصرار ، والسعى إلى الهدف ، نجح "الفاتح" في جعل الحلم حقيقة ، والأمنية واقعًا ، وأن يكون واحدًا من أبطال الإسلام والفاتحين الكبار .

إستمتع و تابع أيضا :
ولست أبالي حين أقتل مسلما
الحاجب المنصور 
حقيقة قتل سليم الأول لأبيه بايزيد الثاني

احتلال فرنسا للجزائر

السلطان محمد الفاتح والرومي إبسلانتي

كل المعلومات فى مدونه قصص بطولات إسلاميه هى من الكتب المتوفره على الانترنت ويمكن تنزيلها بسهولة بالاضافة الى العديد من الكتب الورقية التي أفضل شخصيا البحث فيها لعشقنا للكتاب الحقيقي و يمكنك أن تتعرف على بعض مصادرنا من خلال مراجعة موضوع            نفع الله بنا وبكم و أسكنكم فسيح جناته

المشاركات الشائعة

 
copyright © 2013 بطولات إسلاميه و إنجازات
GooPlz Blogger Template Download. Powered byBlogger blogger templates