براء بن مالك
الله, والجنة
من صحابة رسول الله و هو ثاني أخوين عاشا في الله وأعطيا رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا نما وأزهر مع الأيام..
أولهما هو أنس بن مالك خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام.
أخذته أمه أم سليم إلى الرسول وعمره يوم ذاك عشر سنين وقالت:
"يا رسول الله..هذا أنس غلامك يخدمك, فادع الله له"..
فقبّله رسول الله بين عينيه ودعا له دعوة ظلت تحدو عمره الطويل نحو الخير والبركة .
دعا له الرسول فقال: " اللهم أكثر ماله, وولده, وبارك له, وأدخله الجنة" .
فعاش تسعا وتسعين سنة, ورزق من البنين والحفدة كثيرين, كما أعطاه الله فيما أعطاه من رزق, بستانا رحبا , فقد كان البراء بن مالك يحمل الفاكهه مرتين في العام .
وثاني الأخوين, هو البراء بن مالك..
عاش حياته العظيمة المقدامة, وشعاره: " الله, والجنة"..
رغبته في الشهاده
من كان يراه, وهو يقاتل في سبيل الله, كان يرى عجبا يفوق العجب.
فلم يكن البراء حين يجاهد المشركين بسيفه ممن يبحثون عن النصر , وان يكن النصر آنئذ أجلّ غاية.. إنما كان يبحث عن ...... الشهادة..... ومن أجل هذا لم يتخلف عن مشهد ولا غزوة .
وذات يوم ذهب إخوانه يعودونه, فقرأ وجوههم ثم قال:
" لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي.. لا والله, لن يحرمني ربي الشهادة"..!!
ولقد صدّق الله ظنه فيه, فلم يمت البراء على فراشه, بل مات شهيدا في معركة من أروع معارك الإسلام..!!
وذات يوم ذهب إخوانه يعودونه, فقرأ وجوههم ثم قال:
" لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي.. لا والله, لن يحرمني ربي الشهادة"..!!
ولقد صدّق الله ظنه فيه, فلم يمت البراء على فراشه, بل مات شهيدا في معركة من أروع معارك الإسلام..!!
البراء بن مالك يوم اليمامه
وقف يوم اليمامة وجيوش الإسلام تحت إمرة خالد بن الوليد تتهيأ للنزال وقف يتلمظ مستبطئا تلك اللحظات التي تمرّ عليه كأنها السنين, قبل أن يصدر القائد أمره بالزحف .ونادى خالد: الله أكبر, فانطلقت الصفوف وانطلق معها عاشق الموت البراء بن مالك .
وراح يقتل أتباع مسيلمة الكذاب بسيفه. وهم يتساقطون كأوراق الخريف .
لم يكن جيش مسيلمة هزيلا, ولا قليلا.. بل كان بأعداده وعتاده خطرا يفوق كل خطر .
ولقد أجابوا على هجوم الابطال المسلمين بشيء من الجزع ، وانطلق زعماؤهم وخطباؤهم يلقون من فوق صهوات جيادهم كلمات التثبيت. ويذكرون بوعد الله .
وكان البراء بن مالك جميل الصوت عاليه .. وناداه القائد خالد بن الوليد فقال تكلم يا براء..
فصاح البراء بكلمات تناهت في الجزالة و القوة..تلك هي:
" يا أهل المدينة..لا مدينة لكم اليوم..إنما هو الله والجنة"..
كلمات تدل على روح قائلها وتنبئ بخصاله ، أجل..إنما هو الله, والجنة..!!
وسرت كلمات البراء وفي وقت وجيز عادت المعركة إلى نهجها الأول..
المسلمون يتقدمون والمشركون يتساقطون
والبراء هناك مع إخوانه يسيرون لراية محمد صلى الله عليه وسلم إلى موعدها العظيم..
واندفع المشركون إلى وراء هاربين, واحتموا بحديقة كبيرة دخلوها ولاذوا بها..
وبردت المعركة في دماء المسلمين وبدا أن في الأمان تغير مصيرها بهذه الحيلة التي لجأ إليها أتباع مسيلمة وجيشه..
وهنا علا البراء ربوة عالية وصاح:
" يا معشر المسلمين..احملوني وألقوني عليهم في الحديقة"..
ألم أقل لكم انه لا يبحث عن النصر بل عن الشهادة..!!
ولم ينتظر البراء أن يحمله قومه ويقذفوا به, فاعتلى هو الجدار, وألقى بنفسه داخل الحديقة وفتح الباب, واقتحمته جيوش الإسلام..
ولكن حلم البراء لم يتحقق فلا سيوف المشركين اغتالته ولا هو لقي المصرع الذي كان يمني به نفسه..
وصدق أبو بكر رضي الله عنه: " احرص على الموت.. توهب لك الحياة".
تلقى يومئذ من سيوف المشركين بضعا وثمانين ضربة, أثخنته ببضع وثمانين جرح حتى لقد ظل بعد المعركة شهرا كاملا, يشرف خالد بن الوليد نفسه على تمريضه..
ولكن كل هذا الذي أصابه كان دون غايته وما يتمنى..
بيد أن ذلك لا يحمل البراء على اليأس.. فغدا تجيء معركة, ومعركة .
ولقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه مستجاب الدعوة.. فليس عليه إلا أن يدعو ربه دائما أن يرزقه الشهادة, ثم عليه ألا يعجل, فلكل أجل كتاب..!!
ويبرأ البراء من جراحات يوم اليمامة..
وينطلق مع جيوش الإسلام التي ذهبت لقتال الفرس والروم
بطولة البراء بن مالك
في إحدى حروب العراق لجأ الفرس في قتالهم إلى كل وحشية دنيئة يستطيعونها .. فاستعملوا كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل محمأة بالنار, يلقونها من حصونهم, فتخطف من تناله من المسلمين الذين لا يستطيعون منها فكاكا..وكان البراء وأخوه العظيم أنس بن مالك قد وكل إليهما مع جماعة من المسلمين أمر واحد من تلك الحصون و أحد هذه الكلاليب سقط فجأة فتعلق بأنس ولم يستطع أنس أن يخلص نفسه من السلسلة إذ كانت تتوهج لهبا ونارا..
وأبصر البراء المشهد فسارع نحو أخيه الذي كانت السلسلة المحمأة تصعد به على سطح جدار الحصن.. وقبض على السلسلة بيديه وراح يعالجها في بأس شديد حتى قصمها وقطعها.. ونجا أنس وألقى البراء ومن معه نظرة على كفيه فلم يجدوهما مكانهما..!!
لقد ذهب كل ما فيهما من لحم, وبقي هيكلهما العظمي مسمّرا محترقا..!!
وقضى البطل براء بن مالك فترة أخرى في علاج بطيء حتى برئ..
أما آن لعاشق الموت أن يبلغ غايته..؟؟
بلى آن..!!
وهاهي ذي موقعة تستر تجيء ليلاقي المسلمون فيها جيوش فارس ولتكون للبراء عيدا وأي عيد..
احتشد أهل الأهواز, والفرس في جيش كثيف ليناجزوا المسلمين..
وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص بالكوفة ليرسل إلى الأهواز جيشا..
وكتب إلى الصحابي أبي موسى الأشعري بالبصرة ليرسل إلى الأهواز جيشا, قائلا له في رسالته:
" اجعل أمير الجند سهيل بن عديّ..وليكن معه البراء بن مالك"..
والتقى القادمون من الكوفة بالقادمين من البصرة ليواجهوا جيش الأهواز وجيش الفرس في معركة ضارية..
إستشهاد البراء بن مالك
كان الأخوان العظيمان بين الجنود المؤمنين.. أنس بن مالك, والبراء بن مالك..وبدأت الحرب بالمبارزة, فصرع البراء وحده مائة مبارز من الفرس..
ثم التحمت الجيوش, وراح القتلى يتساقطون واقترب بعض الصحابة من البراء, والقتال دائر, ونادوه قائلين:
" أتذكر يا براء قول الرسول عنك: ربّ أشعث أغبر ذي طَمْرٍ لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه , منهم البراء بن مالك..يا براء أقسم على ربك ليهزمهم وينصرنا"..
ورفع البراء ذراعيه إلى السماء ضارعا داعيا:
"اللهم امنحنا أكنافهم اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم وألحقني اليوم بنبيّك"
ألقى على جبين أخيه أنس الذي كان يقاتل قريب منه.. نظرة طويلة, كأنه يودّعه.. وانقذف المسلمون في استبسال لم تألفه الدنيا من سواهم..ونصروا نصرا مبينا.
ووسط شهداء المعركة, كان هناك البراء تعلو وجهه ابتسامة هانئة كضوء الفجر.. وتقبض يمناه على حثيّة من تراب مضمّخة بدمه الطهور.
لقد بلغ المسافر داره..
وأنهى مع إخوانه الشهداء رحلة عمر جليل وعظيم, ونودوا:
( أن تلكم الجنة, أورثتموها بما كنتم تعملون)....
منقول عن كتاب رجال حول الرسول بتصرف
إستمتع و تابع أيضا :
العباس بن عبد المطلب ( ساقي الحرمين )
إرسال تعليق