مواضيع مهمة

بالصوت والصورة

ADS

?max-results="+numposts5+"&orderby=published&alt=json-in-script&callback=recentarticles8\"><\/script>");

من عهد النبي واصحابه

الأحد، 29 يونيو 2025

رحلة سراقة بن مالك العجيبة: من مطاردة النبي إلى صحابي مؤمن

سراقة بن مالك

قصة مُطارِد تحوّل إلى حارسٍ للرسول!

سراقة بن مالك يسقط من فرسه الغائص في رمال صحراء مكة أثناء مطاردة النبي محمد ﷺ في رحلة الهجرة – هجرة النبي - رسم رقمي واقعي

كان الظلامُ يلفُّ صحراء مكة كسوادِ الجمر ، ونجوم الليل تُراقب بصمتٍ رجلين يهرُبان على ظهر ناقتين ، يتجهان شمالاً صوب يثرب. إنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وفي المدينة المنورة، ينتظرهم أنصارٌ آمنوا برسالة السماء.

وفي ذلك الليل الحالك، اجتمع رجال قريش في دار الندوة ، تتأجج في صدورهم نار الحقد والخوف من هروب النبي. وعلَّقوا مئة ناقة لمن يعيدهما حيًّا أو ميتًا .

بينما كان "سراقة بن مالك" - فارسٌ من فرسان بني مدلج، معروفٌ بفروسيته وشدَّته - جالسًا مع قومه، إذ انطلقت صيحاتٌ من بعيد: "يا سراقة! رأينا أثرًا نحو الساحل ، كأنه أثر محمد وأصحابه!"

انتفض سراقة كالسهم ، ارتدى درعه ، و تسلَّح بقوسه وسهامه ، وامتطى صهوة جواده الأصيل، وانطلق كالريح العاتية في اتجاه الأثر. في قلبه أملٌ بجائزة قريش، وفي عينيه بريق الفخر بأنه سيكون بطل قريش الذي يقبض على الهاربين.

كلما اقترب، ازدادت سرعة قلبه. حتى رأى في الأفق ظلَّي الرجلين! ضغط على جواده، وهمَّ أن يرفع صوته بالتهديد... وفجأة غاصت قوائم الفرس في الرمل حتى ركبتيها! سقط سراقة بن مالك على الأرض، وانطلقت سهامه من كنانته دون قصد ، حاول أن ينهض فرسه، لكنها عجزت ، وكأن الأرض تبتلعها .

في تلك اللحظة، نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم - وقد رأى ما حدث - نظرةً ملؤها الطمأنينة، وقال بصوته الهادئ الذي يخترق الضمائر:  

"يا سراقة، أتراك قادرٌ علينا الآن؟".

ارتجف قلبُ الفارس. أدرك في أعماقه أن ما حدث ليس قوة بشر، بل قدرة إله. صرخ من أعماق روحه:  

"أشهد أنك رسول الله! ادعُ الله أن يخلّص فرسي، وأعاهدك ألا أُتبع أحدًا ورائي، وأردُّ عنك كيد المطالبين!"


رفع النبي يديه إلى السماء، فانطلقت الفرس من سجن الرمل كأنما نُفخ فيها روح جديد! وقف سراقة في دهشة، ثم نزع سهمين من كنانته وقال: "خذها يا رسول الله، قد تنفعك في الطريق". لكن النبي - وهو يعلم أن الرحلة سرٌّ - ابتسم وقال: "لا حاجة لنا بسلاحك اليوم، اكتم سرَّنا يا سراقة" . 
عاد سراقة إلى مكة، يردُّ كلَّ من سأله عن أثر النبي بقوةٍ ودهاء، وهو يحمل في قلبه بذرة الإيمان. وبعد فتح مكة، جاء إلى النبي مسلمًا خاشعًا، وطلب منه أن يكتب له "عهد أمان" لئلا يقتله أحد المسلمين انتقامًا لمواقفه القديمة. فكتب له النبي ورقةً شهيرة تُعرف بـ "صحيفة سراقة" ، قال فيها:  
"هذا أمان من الله لمحمد رسول الله لسراقة بن مالك ".

بعد سنوات وقف سراقة بن مالك في المدينة المنورة، وقد صار من كبار الصحابة، يحدّق في جيوش المسلمين المتجهة لفتح بلاد فارس والروم. 

تذكر ليلة الصحراء المظلمة، وفرسه الغائص في الرمل، وتلك الورقة التي منحته الحياة مرتين: مرةً في الرمال، ومرةً في الإسلام. ابتسم في سكينة، وشكر الله الذي هداه من الظلمات إلى النور .

هكذا تحوَّل المطارد إلى حارسٍ أمين، والعدوُّ إلى صحابيٍّ مخلص. يا له من قدرٍ عجيب! أليس في قصة سراقة عبرةٌ لكل من يبحث عن نور الحق وسط ظلمات الشك؟

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

 
copyright © 2013 بطولات إسلاميه و إنجازات
GooPlz Blogger Template Download. Powered byBlogger blogger templates