عبد القدير خان و باكستان
في يوم من الايام استيقظ صباحا رئيس الوزراء الباكستاني علي رساله من شاب يعمل في هولندا تقول ( حتى يتسنى لباكستان البقاء كدولة مستقلة فإن عليها إنشاء برنامج نووي )
طبعاً ده كلام بديهي، أنا وانت هنقوله واحنا قاعدين على القهوة، لكن خطاب مرسل من شخص لرئيس الوزراء، فده أكيد لُه مغزى مُهم ..
رئيس الوزراء الباكستاني يقرر أنه يكلف المخابرات الباكستانية بعمل تقرير كامل عن الشاب مرسل الرسالة دي عشان يكتشفوا أمور في غاية الأهمية..
من هو عبد القدير خان ؟
ركز معايا..
مين بقى الراجل ده الي على وشك تغيير خارطة قوى العالم السياسية..
من هو عبد القدير خان ، العالم الباكستاني الذي تحدى الغرب وأنشأ البرنامج النووي الباكستاني ، وكيف تحول من مهندس معادن إلى أشهر جواسيس التاريخ النووي؟ لنتعرف سويا على الحقائق الكاملة عن حياته، إنجازاته، وملاحقته الدولية.
الاسم "عبد القدير خان" من مواليد سنة 1936 يعني قبل إعلان دولة باكستان المسلمة ب 11 سنة..
من مواليد الكيان المسمى بالهند القديم..
انتقل لدولة باكستان سنة 1952 يعني بعد إعلان قيام الدولة بخمس سنوات على طول وهناك تلقى تعليمه في جامعة كاراتشي وتخرج عن كلية العلوم..
عشان يشتغل كمُراقب للمقاييس والأوزان في وظيفة حكومية درجة تانية ويستقيل منها والكلام سنة 1960..
يقرر عبد القدير أنه يسافر على ألمانيا عشان يكمل تعليمه هناك بجامعة برلين وتخصص في علوم المعادن ..
وأثناء إقامته في ألمانيا بيقابل بنت جميلة هولندية من أصول افريقية اسمها "هنى" بيحبها ويعرض عليها الزواج بعد ما بقى مُغرم بيها..
توافق البنت على شرط إنها عايزة تعيش في هولندا موطنها وعليه بيوافق "عبدالقدير" أنه يسافر معاها على هولندا ويكمل دراسته هناك ..
ويلتحق هناك بجامعة "دلفت" الهولندية ويتخرج مُتخصصًا في علوم المعادن سنة 1967 وبعدها بخمس سنين يستغل قُرب بلجيكا وياخد درجة الدكتوراة من جامعة "لوفين" في بروكسل..
حاول يعرض قُدراته على أكتر من شركة باكستانية لكنه غالبًا ما قُوبل بالرفض..
محدش كان شايف مين ده، ولا بيقدر يعمل ايه، أصل معندوش واسطة ولا لُه حد مُهم يتوسط له..
فكان مكمل في هولندا لحد ما شركة "FDO" الهولندية عرضت عليه أنه يشتغل معاهم في مشروع تطوير المعادن..
التحوّل من عالم معادن إلى أبو القنبلة الباكستانية
تشاء الأقدار إن الشركة دي تكون ضلع أساسي في المُنظمة الأوروبية المُتخصصة في البحوث بعلوم المعادن وتخصيب اليورانيوم..
دي كانت مُنظمة سرية بتشتغل على تصنيع المواد اللازمة لتصنيع القنابل الذرية وتمويلات المشاريع النووية في الدول الكُبرى ...
منظمة في غاية السرية و الخطورة، مش أيّ حد بيشتغل فيها يعني..
المُهم إن كل المعلومات والسيرة الذاتية دي وصلت لرئيس الوزراء الباكستاني واستغرب جدًا من الشاب الي عايز يرجع لباكستان ويسيب كل المجد ده..
فيقرر أنه يُكلف المُخابرات أنها تكشف دوافع الشاب ده..
يكتشفوا إن الدافع الرئيسي له هو العودة لباكستان و مُساعدة البلد فعلاً ضد الهند..
عبدالقدير خان كان معروف بتديُّنه وإخلاصه الشديد للدين الإسلامي..
فيقرر أنه يخلي المُخابرات أنها تشتغل على انها تجيبه من هولندا بس من غير ما هولندا ولا الغرب كله يعرف..
المُنظمة الي كان شغال فيها دي مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، واسرائيل..
يعني أي خـروج وتسريب للمعلومات لأي جهة تانية يُعتبر خطيئة ولازم تعقُبها وهيمنعوا أي حركة منها وخارجهـا..
وبالفعل مع نهاية السنة يُفاجئ الهولنديين والعاملين بالمُؤسسة دي إن عبدالقدير والي هو واحد من ضمن العقول الفذّة بالمنظومة دي مبقاش موجود..
في الواقع الراجل غادر البلاد كلها في يوم وليلة من غير ما حد يعرف..
عشان يستلم شُغله في الوكالة النووية الباكستانية وتحديدًا سنة 1976..
الراجل بدأ يستثمر كل العلم والخبرة والمعلومات الي تلقاها طوال سنين الخبرة المُضنية في إنه ينقلها لزُملاءه هناك في باكستان..
وسنة 1981 الرئيس الباكستاني نظير جهوده الغير معهودة يغير اسم معامل البحوث النووية الباكستانية عشان يسميها على اسمه "معامل عبدالقدير خان" ..
وفي خلال خمس سنوات قدر "عبدالقدير خان" من إنه يختصر عشرات السنين من العمل والشغل ويمهد الطريق لأول قنبلة نووية باكستانية..
الصراع النووي بين الهند وباكستان
ينشُر كتاب "القنبلة الاسلامية" سنة 1981 يتكلم فيه عن رحلة كفاحه وصولاً للنتيجة الحاليـة..
ومن بعدها العالم يتقلب حرفيًا، الراجل الغامض الي محدش كان عارف له سكة تأكد وجوده في باكستان حيثُ يعمل كمُطور للبرنامج النووي الباكستاني..
الأمر الي يضطر الهند بقى والي هي العدو اللدود أنها تسرع من عملية التطوير النووي..
وسنة 1998 تعمل تاني تجربة نووية تحت مُسمى "عملية شكتي" وشكتي ده يا رفيق إسم لإله من آلهة الهندوسية ويتم تنفيذها بنجاح..
بس المرادي الوضع مُختلف..
بعدها بأسبوعين وبس..
تقوم جمهورية باكستان بأول تجربة نووية..
التجربة دي مكنتش عادية، وإنما كانت بتجرُبتين مرة واحدة..
واسمهم "عملية تشاغاي 1" و "تشاغاي 2"..
مُحملين على صواريخ بالستية اسمها "حتيف غوري" ..
وحتيف هو اسم سيف نبي الله، و غوري هو اسم البطل الاسلامي شهاب الدين غوري الي ظهر في القرن ال16..
وأعلن في مُؤتمر صحفي " عبدالقدير خان " إن القنبلة النووية الباكستانية أقوى بمراحل من القُنبلة النووية الهندية وده بسبب استخدامه لليورانيوم المُخصب في أحشاء القنابل دي..
عشان تتزّن كفة الصراع الهندي الباكستاني أخيرًأ..
ويخرُج الباكستانيين في مُظاهرة احتفاء بالرجل المُعجزة الذي ظهر من العدم مُهديًـا باكستان واحد من أعظم الإنجازات على مرّ التاريخ..
بس الي حصل بعد كده كان مأساوي شوية..
الملاحقة الدولية والسقوط
سنة 2004 ظهر "عبدالقدير خان" في تصريحات تليفزيونيية استعرض فيها مدى قُدرات الجانب الباكستاني النووية واستعداداتهم المهيبة..
الظهور ده أثار جدل واسع أدى لتدخُل وضغوطات من أمريكا ودول تانية على الرئيس الباكستاني وقتها الي فصّل " عبدالقدير خان " من منصبه وأحاله للتقاعد وحدد إقامته في بيته تحت الحراسة المُشددة .
ممنوع يخرُج أو يتحرك من البيت إلا بإذن..
كمان خرجت تقارير أمريكية وقتها بتقول إنه ساعد في تطوير البرامج لتخصيب اليورانيوم في كل من إيران وليبيـا..
وده خلّى العالم كله يشوف إن عبدالقدير خان خطر مُميت ماشي على الأرض..
وسط أكتر من مُحاولة إغتيال فاشلة من السُلطات الهولندية والأمريكية وغيرهم على مدار سنوات ، النهاردة بتزيد التكهُنات حوالين الراجل إذا ما كان حيّ أو ميت ومحدش يعرف عنه حاجة ..
في مرة سنة ٢٠١٣ خرج عبد القدير خان من معزله وكان في تجمهُر كبير لمُحبيـه ومُريدينه بيحييوه .
لأن العالم الغربي كله في حالة من الذُعر، بس من عقـل الرجل ده..
الرجل ده الي بسبب إخلاصه وتفانيه لإعلاء كلمة الله ليومنا هذا استحق مكانته كفارس من فُرسان الإسلام..
بعد كل هذه السنوات، لا يزال الغرب يعتبر عبد القدير خان 'أخطر رجل في العالم' ، فهل كان بطلًا قوميًا أم مجرم حرب؟ شاركنا رأيك
إرسال تعليق